عودة الإحتجاجات تدق باب الشارع الأردني
يمكن إحصاء ثلاثة اعتصامات على الأقل في الأردن في اليومين الأخيرين، احدها اعتصام معلمين استجد بعد حبس رئيس فرع النقابة في محافظة الكرك جنوبي عمان مع اثنين من رفاقه، في قضية تعود لاعتصام المعلمين، بينما الاعتصامين الاخرين فيعودان لشباب باحث عن عمل.
الاعتصامات المذكورة تنطلق أحياناً من (وأحيانا تبقى “في”) المحافظات شمالاً وجنوباً، وحيناً آخر تظهر في بعض مناطق العاصمة، وهو الأمر الذي يفترض أن تنتبه إليه الحكومة الأردنية برئاسة عمر الرزاز، باعتبارها قد تتحول بأي لحظة لبداية تأزيم حقيقية، خصوصاً واعتصام المعلمين في الكرك تدعمه النقابة في عمان، وتلوح بإجراءات تصعيدية معه، بينما اعتصامات المتعطلين فقد بدأت تتواصل مع بعضها في محاولة لـ”توحيد الجهود”.
الاعتصامات المذكورة تحصل في وسط الأسبوع وليس في أيام العطل، ما يرجح ان اعداد المشتركين فيها قد تتضاعف بكل الأحوال اذا ما تركت دون محاولات للحل.
المعلمين.. كرة احتمالات تتدحرج مجددا..
في ملف المعلمين، تتحدث النقابة عن انقلاب من الحكومة على الاتفاق مع المدرسين والذي قضى باسقاط التهم الناتجة عن الاضراب في سبتمبر الماضي والذي انتهى باتفاق مع الحكومة، وافقت فيه الأخيرة على الزيادات المطلوبة وشروط المدرسين، بما فيها اسقاط التهم. إلا ان رئيس فرع النقابة في الكرك قايد اللصاصمة وزميليه أنس العضايلة وسامي الذنيبات، يواجهون اليوم قضية جرائم الكترونية متعلقة بحادثة وقت الاضراب ومتعلقة به.
هذا المشهد، جعل العشرات من المعلمين يعتصمون مجددا في الكرك وامام قصر العدل هناك مطالبين بالافراج عن زملائهم دون جدوى، والامر الذي يزيد المشهد تعقيدا هو رفض القاضي تكفيلهم أيضا. هنا تتدخل النقابة بفرعها المركزي ويصرح الناطق الإعلامي باسمها نور الدين نديم بانها ستعلن خطوات تصعيدية اذا ما استمر التوقيف.
تتدحرج كرة احتمالات التصعيد بهذا الحالة في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة حتى اللحظة استيعاب تداعيات الاضراب بداية العام الدراسي، والذي لم يسبب للدولة “صدمة” في البعد المطلبي والاقتصادي قدرما فعل في البعدين التنظيمي والتفاوضي، فاتحا باب تأويلات تكاد لا تنتهي لدى المؤسسات الرسمية، كما تسبب بتعديل وزاري قرر فيه الرزاز التخلي عن بعض أصدقائه ورفاقه بحجة الاضراب أيضا.
في هذا الملف إذن، لا تحتاج الدولة للمزيد من “تجريب” المعلمين وقدرتهم على التنظيم والتحرك، وقد يكون من المجدي التدخل في السياق لصالخ سدّ باب الاحتمالات والتفرغ لمطالب جديدة وشرائح أخرى.
متعطلون يطالبون بوظائفهم الموعودة..
أما ملف المتعطلين عن العمل والذي يتنامى منذ سنوات ولا يمكن اغلاقه، فهاهو يعود للدولة في محافظة المفرق التي كان وجهاؤها ضمن وفد شيوخ قبيلة بني حسن ممن التقاهم ملك الأردن عبد الله الثاني قبل أيام.
عبر موقع الأردن 24 تحدث المتعطلون عن العمل عن الضغوط الأمنية التي باتوا يعانون منها مع عائلاتهم، بينما المسؤولين في الدولة لايريدون التواصل معهم ولا فتح باب أي حوار، وفق تعبيرهم، ملوحين بالتصعيد أيضاً وتنظيم المزيد من الفعاليات، خصوصا وان الوظائف التي عرضت عليهم بعد ايعاز من الملك (قبل 5 اشهر) لم يحصلوا عليها ولم تبلغهم الحكومة بمصيرها.
في المقابل أيضا، وضمن تصعيد اكبر، شارك العشرات من أبناء حي الطفايلة في العاصمة عمان بمسيرة انطلقت من الديوان الملكي باتجاه وسط البلد ثم عادت للديوان الملكي مجدداً، الامر الذي قصد به المحتجون تذكير الدولة بالوعود التي قطعتها في شهر نيسان الماضي إزاء مسيرة المتعطلين عن العمل الشهيرة.
المشاركون في المسيرات يصرون على الاستمرار في الفعاليات حتى ايفاء الحكومة بتعهداتها، بينما تقول وزارة العمل (في بيان صباح الاربعاء) انها التقت المتعطلين وانهم رفضوا وظائف في القطاع الخاص وأصروا على القطاع الحكومي، وهو ما لم يؤكده أو ينفه المتعطلون.
بكل الأحوال، فإن المسيرات التي حصلت يوم الثلاثاء فقط قد لا تمثل العدد الحقيقي للفعاليات الاحتجاجية التي تقام في الدولة، كما انها لا تدل على حجم الغضب الذي يظهره الشارع او يحفظه لديه، ولكنها على الأقل قد تشير لنار حقيقية تحت رماد الهدوء النسبي الذي تحياه المملكة في سياق إقليمي مشتعل، الامر الذي يرى الخبراء انه لن يحتمل الكثير من التأجيل ولن يسكت فيه الشارع على أمرين أساسيين: الأول القبضة الأمنية التي تحاول الدولة ابرازها والتخشين الذي تواجه به مطالبات الشارع. والثاني: الاستهتار بالمطالب والاستخفاف بالاستماع لها، خصوصا وان المزيج من الامرين السابقين كان المفجر لازمة اضراب المعلمين التي عصفت بالبلاد لشهر تقريبا قبل أسابيع.
جريدة رأي اليوم
