رئيس الوزراء السابق ينعى الشاعر مظفر النواب
نعى رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، اليوم الجمعة، الشاعر الكبير مظفر النواب.
وقال عبد المهدي في بيان تلقته (الرابعة): "بعد معاناة طويلة مع المرض، رحل شاعرنا الكبير مظفر النواب. واننا نعزي انفسنا وشعبنا ومحبي الشاعر الكبير في كل البلدان داعين العلي القدير ان يسكنه فسيح جناته، وان يمن عليه بالرحمة والمغفرة وان يلهم اهله ومحبيه الصبر والسلوان".
واضاف: "عرفت النواب منذ مطلع السبعينات. وبعد عودتي من فرنسا الى دمشق في 1973 نزلت عنده لفترة قصيرة في قبوه في حي التجارة. ثم عندما استقر بي المقام في دمشق وغادرها هو الى بيروت، كان يقضي فترة في داري عندما يزور دمشق. وكنت اجد عندما ازوره في بيروت مبيتاً في سكنه. ولطالما حفظ دفاتره واشرطته وحقائبه عندي بسبب كثرة تنقله وعدم استقراره. وكنا في معظم سبعينيات القرن الماضي في تيار سياسي مشترك. فنلتقي ونتواصل وننظم مواقفنا يومها بشكل شبه دائم. ثوري بمفاهيم عصره، ويقاربها من الثورة الحسينية المباركة. محارب للاستبداد والطائفية واالصهيونية واالاستعمار بشدة وعناد. زرته في اخر زيارة لي لدمشق عام 2012 في شقته هناك. وفي اخر زيارة له لبغداد -قبل سنوات- التقينا في دار الاستاذ فخري كريم في منطقة القادسية".
وتابع: "كان ذلك الطائر المسالم في عواطفه ومظهره، العنيف الثائر في تغريداته ومواقفه السياسية، المتنقل بين بيروت ودمشق وطرابلس وبعض البلدان الاوروبية. مظفر انسان وديع في حياته اليومية، له اصدقاء ومحبين من مختلف الاوساط والاتجاهات والاعمار. مرهف الحس بافراط مع المحيطين به. لكنه ثائر على الاوضاع المحيطة به. حنون وعاطفي من جهة، ومتمرد وثائر من جهة اخرى".
واكمل: "سألته مرة لماذا قل شعرك الشعبي بعد مغادرتك العراق، علماً ان هذا الشعر كان لروعته، وعشق الجمهور العراقي له، هو بطاقة تعريفك الاولى، خصوصاً في قصيدة "البراءة". شعرك يومها قاد الى سجنك وتعذيبك ومطاردتك وهجرتك. قال، لي رسالة اريد ان اوصلها، وانني اخاطب اليوم جمهوراً عربياً لا يفهم "الحسجة" ولغة الجنوب العراقي. اقول له ان بعض شعرك فيه سباب وتمرد وكلمات بديئة. كما في قصيدة "القدس عروس عروبتكم، فلماذا ادخلتم كل زناة الليل الى حجرتها.. ووقفتم تسترقون السمع وراء الابواب لصرخات بكارتها.. وسحبتم كل خناجركم، وتنافختم شرفاً.. وصرختم فيها ان تسكت صوناً للعرض؟؟ فما اشرفكم.. اولاد "الق...ة" فما اشرفكم!.. اولاد "القح..ة" لست خجولاً حين اصارحكم بحقيقتكم.. ان حظيرة خنزير اطهر من اطهركم.. تتحرك دكة غسل الموتى.. اما انتم.. لا تهتز لكم قصبة!. كان يقول بانه في مواجهة اوضاع بديئة، وحكام عملاء، فلابد من استفزاز العقول بكلمات بديئة واشعار متمردة. فيقول " يامراء الغزو فموتوا، سيكون خراباً.. سيكون خراباً.. سيكون خراباً.. هذي الامة لابد لها.. ان تأخذ درساً في التخريب".
واشار الى انه "كان يقرأ كثيراً من الكتب الفلسفية والصوفية والعرفانية، لذلك هناك في شعره الشعبي والفصيح الكثير من العرفان والعمق والفلسفة. حتى مسودات شعره لم تكن منتظمة، بل كان يكتب اسطرها باشكال تصويرية مستخدماً اقلام الهندسة الرفيعة ويضع قبالها رسوماً تخطيطية. سيكتب كثيرون عن مظفر، وسيحزن كثيرون عليه ومن كافة الاقطار والبلدان".
