اتصل بنا
حالة الطقس في العراق
حالة الطقس في العراق
الطقس في العراق
الأمطار في العراق
المطر في العراق
المطر في بغداد

هل يوجد تشابه بين عرض ترامب لشراء جزيرة غرينلاند و"صفقة القرن"؟

هل يوجد تشابه بين عرض ترامب لشراء جزيرة غرينلاند وصفقة القرن؟
العالم

بعرضه شراء جزيرة غرينلاند الأكبر في العالم، وغضبه من جراء الردود الساخرة التي انهالت عليه من المسؤولين والشعب الدانماركي على حد سواء، وإلغائه زيارته المقررة إلى كوبنهاغن أوائل شهر أيلول (سبتمبر) المقبل، كلها عوامل تؤكد مدى ضحالة تفكير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورعونته، وعدم خروجه من قوقعة السمسرة العقارية التي عاش معظم حياته في تجاويفها.

ترامب لا يفهم إلا لغة الصفقات العقارية التي تتحكم في سياساته، وكل تحركاته، وطبيعة علاقاته، واعتقاده أن كل شيء قابل للشراء بالمال، وهو في هذا التوجه يتفق مع الكثير من نظرائه الأثرياء العرب، وبعض دول الخليج خاصة.

جزيرة غرينلاند التي تبلغ مساحتها الجغرافية مليوني كيلومتر مربع، معظمها مغطاة بالثلوج، ولا يزيد عدد سكانها عن 60 ألفا، تتمتع بحكم ذاتي في إطار الدولة الدانماركية، وتتواجد قي باطنها ثروات هائلة من النفط والغاز والحديد والرصاص واليورانيوم والزنك، ولذلك أراد الرئيس ترامب أن يجرب حظه مع السلطات الدانماركية ويمارس عليها الابتزاز أثناء زيارته الملغاة، معتقدا أن الصفقة جاهزة، وأنه لن يعود خالي الوفاض مثل زياراته لبعض الدول العربية.

أمريكا تملك تاريخا في هذا المضمار، فقد اشترت ألاسكا من روسيا، وكاليفورنيا من المكسيك، ولويزيانا من الفرنسيين، فلماذا لا تشتري غرينلاند من الدانماركيين؟ وهذا صحيح، ولكن أمريكا تغيرت والظروف تغيرت أيضا، وما كان جائزا قبل قرن غير ممكن الآن في القرن الواحد والعشرين.

ترامب الذي وهب القدس المحتلة وهضبة الجولان السوري “هدية” إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي بجرة قلم، لماذا لا يشتري غرينلاند وهو المهووس بالصفقات العقارية؟ معتقدا أن الدانماركيين سيتنازلون عنها مثل حلفائه العرب الذين بارك معظمهم بيع القدس والجولان مجانا، وتحمسوا كثيرا لبيع كل فلسطين من خلال مباركتهم لصفقة القرن، واستضافة مزاد في المنامة للتمهيد لتمريرها وشطب قضية فلسطين من الخريطة الشرق أوسطية، ورصد 60 مليارا لرشوة بعض الحكام العرب المتخاذلين وحكوماتهم عبر “الدلال” الأكبر جاريد كوشنر، صهر الرئيس معلمه السحر العقاري؟

الدانمارك دولة أثبتت أنها لا ترضخ لصفقات السمسرة الترامبية، ولم تتردد رئيسة وزرائها مته فريدريكسون “المنتخبة” في السخرية من عرض الشراء هذا، ووصفه بالسخيف، والتأكيد أن هذه الجزيرة التي هي ملك لشعبها ليست للبيع.

المتحدث باسم الشؤون الخارجية في حزب الشعب الدانماركي أعرب عن استهجانه من هذا العرض، وقال “إذا كان ترامب يفكر فعلا في شراء غرينلاند فإنه فقد صوابه فعلا، فكرة أن تبيع الدانمارك 60 ألفا من مواطنيها فكرة سخيفة فعلا”، هذا هو منطق الرجال في الدول التي لا يوجد فيها للفساد موضع قدم.

بعض الأشقاء العرب لا يملكون مثل هذا الرأي في تقييم الرئيس ترامب ويؤمنون بسلامة قواه العقلية، ويفرشون له السجاد بكل ألوانه ترحيبا به، وتقديم مئات المليارات تأكيدا على صدق نواياهم تجاهه، ويرضخون لإملاءاته، ويتعهدون لصهره بتمرير صفقة القرن ترحيبا بقيام إسرائيل العظمى.

لا نعتقد أن الحكومة الدانماركية ستأسف للحظة لإلغاء ترامب زيارته لكوبنهاغن، بل ربما ستتلقى قرار الإلغاء بارتياح كبير، لأنها تدرك جيدا أن الشعب الدانماركي لا يرحب بهذا الضيف الثقيل، وسيستقبله بكل ما تنتجه مزارع الدجاج الدانماركية من بيض فاسد.

الأوطان ليست للبيع ولو بآلاف التريليونات.. ولا مكان للسماسرة عند الشعوب التي تحترم نفسها، وتؤمن بقداسة ترابها الوطني وسيادته، ولهذا لن تمر “صفقة القرن” وستعود فلسطين، كل فلسطين، والجولان، ومزارع شبعا لأهلها، إن عاجلا أم آجلا، ولا يسعنا إلا تقديم الشكر لحكومة الدانمارك وشعبها الذين قدموا لنا درسا إضافيا بالكرامة الوطنية وقدسية الأوطان.

“رأي اليوم”

سجل بريدك الإلكتروني لتلقى أهم الأخبار
المزيد من الأخبار
أخبار مواقع حكومية