
خور عبدالله تحت حصار أمريكا وخونة الداخل.. هل تُطوى صفحته على حساب سيادة العراق؟
المعلومة/ تقرير..
في الوقت الذي تنشغل المنطقة بالحرب الدائرة بين الكيان الصهيوني وإيران التي قد تغير ملامح الجغرافية السياسية، تحرك الكويت بيادقها في الخفاء معتمدة على الداخل العراقي المتمثل برئيسي الجمهورية والوزراء وبعض الفواعل السياسية الذين يلهثون على مصالحهم الحزبية والشخصية، وكذلك اتكأت على الدعم الأمريكي الثقيل الذي كلف من قبل الكويت والدول الخليجية لإعادة إحياء اتفاقية "خور عبدالله" التي أسقطها قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق، وهذه التحركات لم تكن مجرد ضغوط دبلوماسية وسياسية فحسب بل امتدت إلى هندسة تهديدية دفعت الكثير من القضاة إلى تقديم استقالاتهم، الأمر الذي يكشف عن معركة خفية وخطرة تقودها شخصيات سياسية وحكومية عراقية وأطراف إقليمية ودولية يحاولون إعادة رسم حدود المصالح على حساب سيادة البلاد.
وبهذا الصدد أكد عضو حركة حقوق، صباح العكيلي، أن المحكمة الاتحادية تتعرض لضغوط كبيرة داخلية وخارجية للعدول عن قرارها بإلغاء اتفاقية خور عبدالله، لافتاً إلى أن هذه الضغوط يقودها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء داخلياً، بينما الخارجية تقودها واشنطن.
وقال العكيلي في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن " المحكمة الاتحادية تمثل المدافع الأول عن الدستور العراقي ولجميع القوانين وأن قرارها الأخير بما يتعلق بإلغاء اتفاقية خور عبدالله يستند إلى أسس قانونية تمنحها نقض ورد وإلغاء أي قانون يخالف الدستور والقوانين، إذ اعتبرت الاتفاقية مخالفة صريحة للدستور وتعدياً فاضحاً على السيادة ".
وأضاف أن "الاتفاقية باطلة من الأساس لأنها لم تحظَ بإجماع برلماني، ومررت بموافقة أقل من 80 نائباً، لذلك ألغتها المحكمة كونها مجحفة بحقوق العراق ولم تكن شرعية".
وأوضح أن "الضغوط التي مورست على المحكمة دفعت بعض القضاة لتقديم استقالاتهم"، مبيناً أن "هذه الضغوط تأتي من اتجاهين؛ داخلي يقوده رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وبعض الفواعل السياسية المهتمة بالمصالح الشخصية التي حصلت على رشاوى كويتية، واتجاه خارجي يضم اللوبي الكويتي والدول الخليجية وتقوده الآن واشنطن بعد فشل محاولات الضغط الخليجي على المحكمة الاتحادية".
وشدد العكيلي على أن "المحكمة الاتحادية تمثل صمام أمان للعراقيين، وأن القوى الشعبية والسياسية الشريفة لن تسمح بتغيير القرار لصالح الكويت مهما كلف الثمن"، مضيفاً أن " أي تغيير في القرار قد يلاقي تصعيد شعبي كبير لا يهدأ أبداً".
تحت سكين الضغوط
وإلى ذلك أكدت عضو مجلس النواب عن كتلة صادقون، سهيلة السلطاني، إن ضغوطاً كبيرة ومتصاعدة تمارس على العراق من أطراف إقليمية ودولية لانتزاع خور عبد الله الاستراتيجي لصالح الكويت.
وقالت السلطاني في تصريح خاص لوكالة /المعلومة/، إن "العراق يتعرض لضغوط سياسية واقتصادية ممنهجة، تقودها دول الخليج بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف فرض تنازل عن أحد أهم المنافذ البحرية الحيوية في البلاد، وأن هذه الضغوط أصبحت متصاعدة لاسيما بعد تكليف الكويت أمريكا في قيادة هذه الضغوط على العراق وعلى المحكمة الاتحادية".
وأكدت أن "هذه التحركات تستغل وضع المنطقة المتوتر وتهدف لإضعاف العراق وتقليص نفوذه البحري".
وشددت السلطاني على أن "أي تنازل أو تفريط بحقوق العراق لاسيما خور عبد الله يُعد خيانة واضحة وصريحة للعراق وشعبه صريحة، كما أنه يشكل ضربة كبيرة للاقتصاد العراقي خصوصاً وأن العراق يعتمد بشكل أساسي ورئيسي على هذا المنفذ في عمليات التصدير والاستيراد، وأن سيطرة الكويت عليه يعني أن العراق سيكون تحت رحمة الإدارة الكويتية وهذا ما لا نسمح به أبداً".
وحذرت أن "التفريط بخور عبد الله لا يمس السيادة فحسب، بل يشكل تهديداً مباشراً لمستقبل العراق الاقتصادي"، مطالبة بموقف وطني موحد من كافة القوى السياسية الشريفة للوقوف بوجه هذا المشروع الخطير والتصدي له بكل قوة وحزم".
استقالات قضائية مفاجئة
أكد القيادي في تحالف الفتح، عدي عبد الهادي، الخميس، أن الأنباء التي تحدثت عن تقديم عدد من قضاة المحكمة الاتحادية استقالاتهم بشكل مفاجئ تثير تساؤلات عديدة، مشيراً إلى أن الجميع بانتظار بيان رسمي يكشف مجريات ما حدث وأسبابه الحقيقية.
وقال عبد الهادي في حديث لـ/المعلومة/، إن "الأنباء التي تداولتها بعض المنصات الإعلامية بعد ظهر اليوم، بشأن استقالة عدد من قضاة المحكمة الاتحادية، كانت مفاجئة وصادمة، خاصة أنها لم تُقترن بأي بيان أو توضيح رسمي حتى اللحظة".
وأضاف، أن "غياب التوضيح الرسمي يُبقي المعلومة ضمن إطار الشائعات أو التسريبات، ولا يمكن اعتمادها حتى تصدر المحكمة الاتحادية بياناً يكشف للرأي العام حيثيات ما جرى، ويؤكد أو ينفي بدقة ما يتم تداوله".
وأشار عبد الهادي إلى أن "تقديم الاستقالات، في حال ثبتت صحتها، بعد ساعات من تأجيل المحكمة الاتحادية البت في ملف خور عبد الله وعدد من الملفات ، يحمل إشكالية كبيرة، إذ أن غياب النصاب أو تغيّرات في الهيئة القضائية قد تؤخر حسم قرارات مهمة ينتظرها الشارع العراقي".
وتابع، أن "الملفات المعروضة أمام المحكمة، وعلى رأسها اتفاقية خور عبد الله، بحاجة إلى قرارات حاسمة، وأي خلل في تركيبة المحكمة سينعكس بشكل مباشر على قدرة المؤسسة القضائية على أداء دورها في هذه المرحلة الدقيقة".
وتحولت قضية خور عبدالله إلى ساحة لاختبار جوهر السيادة العراقية، خاصة وأن حامي الدستور المفترض أن يحمي سيادة البلاد فإنه يعمل لصالح الكويت بكل ما أوتي من قوة، الأمر الذي يجعل العراق أمام اختبار صعب يبين مدى قدرة مؤسساته القضائية على مقاومة التوغل الخارجي، ففي الوقت الذي تتقاتل فيه الدول على شبر من أراضيها، تستغل الحكومة التنفيذية المتمثلة برئيسي الجمهورية والوزراء وعدد من المسؤولين والسياسيين سلطاتهم لإرضاء الكويت على حساب العراق وشعبه، ويستخدمون الممرات العراقية كورقة مساومة، ويُدفعون القضاء العراقي إلى الزاوية بين الضغوط والتنازلات. فهل تنجح المحكمة الاتحادية في حماية قرارها الوطني، أم يُكتب لـ"خور عبدالله" أن يكون أولى ضحايا صفقة الخيانة السياسية والضغوط الإقليمية؟. انتهى 25 ش