فالإرهاب والإسلام خصمان لا يجتمعان؛ لكن، وللأسف، نرى في الكثير من الدول الغربية ربطاً بين الإرهاب والمسلمين، وهو خطأ فادح؛ فالإسلام هو دين السلام، فكيف يُوصم بالإرهاب؟
وتتناول حلقة اليوم من برنامج "الإسلام وقضايا العصر" والذي يبث على قناة "العالم"، موضوع "الإرهاب والإسلام... خصمان لا يجتمعان"، وذلك بمشاركة ضيفيها: الدكتور الشيخ أحمد كريمة، أستاذ فقه الشريعة بجامعة الأزهر، والدكتور محمد ماهر قابيل، الكاتب والمحلل السياسي المصري.
ما المقصود بكلمة الإرهاب في الإسلام؟
نبّه الشيخ أحمد كريمة إلى أن العالم لم يتفق بعد على تعريف اصطلاحي جامع وشامل للإرهاب، مشيراً إلى أن المصطلح يُستخدم وفق مصالح ومعطيات سياسية معينة. وأوضح أن العنف، سواء أكان فكرياً (بالتكفير) أو سلوكياً (بالإكراه)، مرفوض شرعاً.
واستدل بقول الله تعالى في سورة البقرة: "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدّ الخصام..."
مبيّناً أن هذه الآية تشير إلى العنف السلوكي ضد المدنيين.
ولفت إلى نوع آخر من العنف يُغفل ذكره إعلامياً، وهو جريمة الإرجاف، أي الاعتداء على الجيش الوطني، مستشهداً بقول الله تعالى في سورة الأحزاب:
"لئن لم ينتهِ المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون..."
وأكد أن كل ما يكدر السلم العام، ويهدد الأمن والطمأنينة، يدخل في نطاق جريمة الإرهاب سواء تحت مسمى البغي أو الحرابة أو الإرجاف، وكلها تدل على خلل في الفهم.
ضبط المصطلحات في السياق العلمي
بدوره قال الدكتور محمد ماهر قابيل، إن جوهر البحث العلمي يقوم على ضبط المصطلحات، مشيراً إلى أن دلالة المصطلح تختلف باختلاف الزمان والمكان والسياق.
وبيّن أن مصطلح "سيارة" في القرآن لا يساوي معناها المعاصر، مستشهداً بقصة يوسف عليه السلام، ومقارناً بين كلمة "ابسطوا" في اللهجات المختلفة.
وأشار إلى أن كلمة "يلعب مباراة" قد تُفهم كملاكمة أو كرة قدم حسب السياق، موضحاً أن الإرهاب هو من أكثر المصطلحات التي تعددت دلالاتها وتعرّضت للتسييس وسوء الاستخدام.
وذكر أن الدعاية الأمريكية الصهيونية تستخدم مصطلح الإرهاب لوصف مقاومة الاحتلال، مؤكداً أن هذا الاستخدام مُسيّس.
كما استعرض جذور المصطلح في الفقه السياسي الغربي، مشيراً إلى ظهوره مع الثورة الفرنسية، حين استخدمته الحكومة الثورية كوسيلة قسرية لإخضاع المحكومين، أما العنف من الناس العاديين، فيُعد جريمة سياسية لا إرهاباً بمفهومه المصطلحي الحديث.
الإرهاب... صناعة من؟
وأوضح الشيخ أحمد كريمة أن الإرهاب كظاهرة هو قديم قدم البشرية، ولا يُنسب إلى دين أو قومية أو زمان أو مكان، مستشهداً بقصة ابني نبي الله آدم عليه السلام في سورة المائدة.
وبيّن أن أول من مارس العنف باسم الدين في التاريخ الإسلامي هم الخوارج، الذين رفعوا شعارات براقة كـ "لا حكم إلا لله"، لاستغلال الدين سياسياً.
وأشار إلى أن المؤتمر الصهيوني عام 1897 بقيادة هرتزل وضع استراتيجية لإثارة الصراعات الطائفية، معتبراً أن الفكر السلفي انحرف عبر الزمن من سلفية دعوية إلى سلفية حركية ثم إلى سلفية جهادية تُمارس زوراً باسم الإسلام.
لماذا يُربط الإسلام بالإرهاب؟
اعتبر الدكتور محمد قابيل أن هذا الربط هو شكل من أشكال التلاعب بالمصطلحات، مشيراً إلى أن البعض يسيء تفسير الآية: "وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله...". وأوضح أن "الإرهاب" هنا يعني الردع الاستراتيجي، كما هو حال كل الدول التي تُؤسس جيوشاً لحماية حدودها، لا للعدوان.
وحول لمصلحة من يُربط الإسلام بالإرهاب؟ أجاب: الإسلام هو القوة الحقيقية التي تخشاها القوى المعادية. وأكد أن الإسلام يُهاجَم لأنه يحمل هوية قوية تُرعب القوى الصهيونية والإمبريالية، مشيراً إلى أن خططهم تشمل إفساد شباب الأمة ومحاربة القرآن والهوية الإسلامية.
وشدد على أن الفتوحات الإسلامية اليوم قائمة بجمال الروح الإسلامية، لا بالسيف، وأن الآلاف يدخلون الإسلام يومياً في أوروبا وأمريكا، بفضل قوة الرسالة وجاذبية الهوية الإسلامية، ما يفسّر خوف أعداء الإسلام من انتشاره، ومحاولاتهم المستمرة للتشويه والتضليل والتلاعب بالمصطلحات.