
هل تفعل أمريكا ما تشاء؟!
كتب / عبد الرضا البهادلي
📍البعض لجهله بالله تعالى وجهله بقوانين الكون يُضفي على امريكا صورة القدرة المطلقة ، حتى يكاد يظن أنها بيدها الموت والحياة، والنفع والضر، كما كان يظن الطغاة من ملوك الأرض قديماً وحديثاً، الذين ظنوا أنهم يحيون ويميتون! قال تعالى حكايةً عن طغيانهم: ﴿فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: 24].
📍ولأجل هذا التصور الفاسد، يسارع ضعاف النفوس من الحكام إلى الخضوع والركوع أمام امريكا ، ظنًّا منهم أن رضى أمريكا هو طريق النجاة والقوة، فيتنازلون لها عن القيم والكرامة ، طمعاً في حمايتها أو خوفاً من سطوتها…..
📍لا ننكر أن أمريكا اليوم تمتلك أقوى ترسانة أسلحة ، لكنها – في حقيقة الأمر – أمة فارغة من الإيمان بالله تعالى ، عارية من القيم الربانية التي تحفظ كرامة الإنسان. أما نحن، أمة الإسلام، فقد ابتعدنا عن جوهر ديننا، وعن مبادئنا، وأخلاقنا، بل وابتلينا بحكّام ظلمة فاسدين، فصرنا في موضع الضعف والهوان…..
📍وهنا تتجلى سنن الله في خلقه: فإذا فسدت الأمة ولم تصلح من نفسها، سلّط الله عليها ظالمين مثلها يؤدبونها ويوقظونها من غفلتها. كما قال الله تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأنعام: 129].
📍أما إذا رجع المؤمنون إلى الله تعالى، وحققوا التوبة والطهارة والإصلاح، فإن موازين القوة تتغير، والنصر يصبح وعداً إلهياً لا محالة، ولو كان عددهم قليلاً، وعدتهم يسيرة. كما يقول الله تعالى: ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 249].
📍ألم يكن موسى عليه السلام فرداً واحداً في مواجهة أعظم طاغية في الأرض؟ ومع ذلك أغرق الله فرعون وجنوده، وجعلهم آية للناس أجمعين: ﴿فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: 60-62]… حتى جاء أمر الله فغرق فرعون: ﴿فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا﴾ [الإسراء: 103].
📍ولم تكن هذه القاعدة الربانية حكراً على زمن الأنبياء، بل تتجلى في عصورنا أيضا ؛ كما حدث بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني (رضوان الله عليه)، حين احتُجز أعضاء السفارة الأمريكية في طهران، فحاولت أمريكا إنقاذهم بعملية سرية سمّيت “مخلب النسر”، فسخّر الله الريح والعاصفة فأفسدت معداتهم، ودمرت طائراتهم، فرجع جنودها خائبين يجرّون أذيال الفشل والذل. وكانت هذه الحادثة، بشهادة قادتهم ومحلليهم، من أكبر هزائم المخابرات الأمريكية ….
📍إن الذي نحتاجه اليوم ليس أسلحة تعادل ترسانة أمريكا، ولا أموالاً تضاهي اقتصادها، بل نحتاج إلى الانتصار على أنفسنا أولاً، على شهواتنا وأهوائنا وأنانياتنا؛ أن نعود إلى الله صادقين مخلصين، ونتحلى بالفضائل، ونعيد بناء ذواتنا على التقوى والحق، حتى يتحقق وعد الله بالتغيير: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11].
📍فالنجاة والقوة والنصر بيد الله وحده، لا بيد أمريكا ولا سواها، ومن تعلق بغير الله ذل، ومن وثق بالله عزّ، ومن استقام على طريقه نصره الله تعالى، ولو اجتمعت عليه قوى الأرض كلها. ﴿وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ [الفرقان: 31].