من هو الزعيم الحقيقي لداعش.. اعتقال "الصميدعي" في تركيا يثير الشكوك
سلط إعلان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان اعتقال القيادي البارز في 'داعش'، 'بشار خطاب غزال الصميدعي' الضوء على الهوية الحقيقية لزعيم التنظيم الإرهابي، لاسيما أن الأخير، والذي يلقب بـ'حجي زيد' كان من بين الشخصيات 'الأكثر احتمالا' لتولي هذا المنصب، خلفا لـ'أبو إبراهيم القرشي'، بعد مقتله في إدلب، بعملية أميركية.
وحسب إردوغان، فإن 'الصميدعي' يعتبر من القياديين الكبار في 'داعش'، فيما تضمنت إفادته بعد اعتقاله من وحدات المخابرات والأمن التابعة لشرطة إسطنبول أنه تولى منصب فيما يسمى 'القضاء ووزارة التربية والعدل داخل التنظيم'.
وأردف الرئيس التركي: 'ومنذ زمن طويل جرت متابعة ارتباطاته في سوريا وإسطنبول، وتم الوصول إلى معلومات استخباراتية حول نيته دخول تركيا بطرق غير شرعية. بفضل عملية ناجحة للأمن والاستخبارات تم إلقاء القبض عليه، حيث أوضح للأمن في إسطنبول أنه يحمل بطاقة شخصية مزورة، وأجرى تغيرات على شكله'.
وذكر موقع التلفزيون الحكومي الرسمي 'TRT'، يوم الجمعة، أن 'الصميدعي' عُلم أنه 'مكث في تركيا لمدة 6-7 أشهر بمفرده، وفي منزل في حي أيازاغا بمنطقة سراير في إسطنبول'.
ونقل الموقع عن مصادر أمنية أن 'حجي زيد أو الأستاذ زيد كان يوجه جميع الأعمال المتعلقة بالقضايا الدينية في تنظيم داعش، بينما كان مدرسا للزعيم الأول أبو بكر البغدادي'.
وأضافت صحيفة 'صباح' المقربة من الحكومة أن السلطات التركية تابعت علاقات 'الصميدعي في سوريا وإسطنبول لفترة طويلة، إلى أن تم الحصول على معلومات استخباراتية تفيد بأنه سيدخل إلى تركيا بشكل غير قانوني'.
وذكرت الصحيفة نقلا عن مصادر أيضا أن 'القيادي المعتقل' يوصف بأنه 'العقل الإيديولوجي لتنظيم داعش الإرهابي، وأنه وفي أثناء عملية الاعتقال 'تم العثور عليه وهو يحاول التمويه بشعر مستعار ونظارات'.
'بين الصميدعي والبدري'
وبعد مقتل الزعيم السابق لداعش 'أبو إبراهيم القرشي' بعملية نفذتها الولايات المتحدة الأميركية في شمال غربي سوريا سادت الكثير من الشكوك والتساؤلات حول من هو الاسم الذي خلفه؟
ورغم أن 'داعش' أعلن بالفعل بعد قرابة شهر اسم زعيمه الجديد، إلا أنه لم ينشر أي صورة له، مكتفيا بالقول إنه 'أبو الحسن الهاشمي القرشي'.
وبينما بقيت هوية 'الخليفة الجديد' غامضة ضمن إطار اللقب 'أبو الحسن' فقط، نشرت وكالة 'رويترز' تقريرا، في 11 من شهر مارس، نقلت فيه عن مسؤولين أمنيين عراقيين أن الزعيم الجديد هو 'جمعة البدري' الشقيق الأكبر لـ'البغدادي'.
لكن وفي مقابل هذه الرواية رجّح خبراء في شؤون الجماعات المتشددة، في ذلك الوقت، أن 'الصميدعي' هو الاسم الأكثر احتمالا لخلافة 'أبو إبراهيم'. وذلك ما يرتبط بعدة اعتبارات.
وكان موقع إخباري تركي ووكالة 'بلومبيرغ' قد كشفا، في نهاية مايو الماضي، أن السلطات التركية اعتقلت 'أمير تنظيم داعش أبو الحسن الهاشمي القرشي دون تسميته بالاسم'، فيما نُشرت أيضا صورة معروفة أنها صورة 'الصميدعي'.
ولم تعلن تركيا حينذاك رسميا عن أي تفاصيل، إلى أن جاء الإعلان من جانب إردوغان، بعد ثلاثة أشهر ونصف من 'التسريبات الأولى'.
ولا يوجد أي تأكيد من تنظيم 'داعش' على أن 'الصميدعي' هو 'خليفة أبو إبراهيم القرشي' الذي قتل في فبراير الماضي.
لكن في ذات الوقت، حسب رئيس قسم الدراسات الأمنية في مركز العراق للدراسات الاستشرافية، رائد الحامد فإن 'آليات اختيار خليفة جديد ومؤهلاته ومواصفاته تجعل مسألة ترجيح أن يكون الخليفة شخصا آخرا غير الصميدعي مسألة فيها مجازفة كبيرة'.
وتفرض هذه 'المجازفة' على من يتبناها 'تسمية الشخص البديل الذي يتمتع بالأهلية البدنية والعقلية، والأهلية الشرعية إضافة إلى الانتساب إلى قريش، فمن يكون؟'.
ويضيف الحامد لموقع 'الحرة': 'لا أحد غير الصميدعي مؤهل لخلافة أبو إبراهيم القرشي أو حجي عبد الله قرداش'.
ولذلك، فإن 'عدم اعتراف حجي زيد أثناء التحقيقات الأولية بأنه الأمير، وأنه شغل مناصب في القضاء والتعليم لا يعني أن خليفة التنظيم هو شخص آخر، مثل جمعة عواد البدري'.
ومن المعروف، وفق الباحث أن 'البدري لا يمتلك ما يكفي من العلم الشرعي، ولم يسبق له أن تبوأ مناصب قيادية، ولم يكن من قياديي الصف الأول، بل حتى الثاني'.
وكانت معظم مهامه طيلة سنوات من ملازمته شقيقه 'البغدادي'، وصولا إلى أمور ذات صلة بالجانب الاجتماعي وعائلية، وأمور أخرى لها طابع مالي على نطاق محدود، مثل ما يعرف باسم 'الكفالات' لعوائل قتلى أو معتقلي 'داعش'.
ويتوقع الحامد أن 'يلتزم تنظيم الدولة الصمت إزاء ما نشرته وسائل الإعلام التركية، خاصة أن الجانب الذي يرى التنظيم فيه مخرجا مهما هو أن تركيا التي أعلنت اسم الصميدعي وقالت إنها اعتقلته لم تعلن أنه أمير التنظيم الجديد. إنما مجرد أبرز القياديين المهمين'.
من هو 'الصميدعي'؟
عُرف 'الصميدعي' بعدة أسماء مستعارة أبرزها 'حجي زيد'، وكذلك 'أبو خطاب العراقي'، 'أبو المعز العراقي'.
وهو أحد قيادات 'جماعة أنصار الإسلام'، قبل أن يلتحق في عام 2013 بتنظيم داعش المعروف آنذاك 'دولة العراق الإسلامية'، أي قبل إعلان 'الدولة الإسلامية في العراق والشام'، في أبريل 2013.
ينحدر من مدينة الموصل العراقية، وهو من مواليد 1975.
وكان قد غادر العراق إلى سوريا عام 2016، قبل معارك تحرير الموصل، ليستقر حسب ما ورد مؤخرا عنه في مدينة الرقة.
ويوضح الباحث رائد الحامد أن 'الصميدعي من المقربين لأمير التنظيم المقتول أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، الذي سعى للإفراج عنه بعد اعتقاله في عهد أبو بكر البغدادي لعدة أشهر في مدينة الرقة'.
وكان قد شغل منصب 'أمير ديوان القضاء والمظالم، وعضوا في اللجنة المفوضة في التنظيم بين عامي 2014 و2016'.
ويضيف الحامد: 'هو أحد المساهمين أيضا في كتابة ما عرف بالمنهج الحازمي لداعش، وفي تأصيل التكفير بمنهج التنظيم'.
وقد أسندت إلى الصميدعي أدوار حيويّة داخل 'داعش' بعد انضمامه إليه مباشرة، و'هذا يدل على الثقة الراسخة التي سبقت عضويته'، حسب تقرير نشرته مجلة 'نيولاينز'، في 16 من فبراير 2022.
وجاء في التقرير أن الصميدعي كان له دور طويل كمنظر جهادي في الموصل، على مقربة من معقل البغدادي في ذلك الوقت، بالإضافة إلى بعض الاتصالات القديمة التي حافظ عليها، حيث كان 'يخطب في مركز ديني في باب الجديد يدعى إمام المتقين، وتخرَّج منه عدد كبير من دعاة وقضاة تنظيم الدولة'.
وأضافت المجلة: 'يعد الصميدعي من بين القادة القلائل من العيار الثقيل المتبقين داخل التنظيم، ما يجعله مرشحا، إما ليكون قائد تنظيم الدولة التالي أو أحد أقوى قادته'.
كما كان 'واحدا من ثلّة من القادة المقرّبين من الزعيمين السابقين للتنظيم قبل سنوات من إقامة الخلافة في سنة 2014. والأهم من ذلك، أنه من المشاركين الجدد نسبيا في التنظيم والعنصر الأعلى رتبة'.
'من يقود داعش'؟
في غضون ذلك يؤكد الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، حسن أبو هنية أنه لا يوجد شيء مثبت حول موقع 'بشار الصميدعي' داخل تنظيم 'داعش'.
وهناك ترجيحات وتسريبات تشير إلى أنه تولى 'الخلافة بعد قرداش'، لكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعلن عن الاسم الحقيقي حتى الآن، على عكس ما حصل بعد فترة مقتل 'البغدادي'.
يقول أبو هنية لموقع 'الحرة': 'بالنسبة للقائد الجديد (أبو الحسن الهاشمي) هناك فقط توقعات. بشار الصميدعي كان مرشحا نظرا لقضية القرشي، وقضية قِدمه ومعرفته بالعلم الشرعي ومعرفته بالتنظيم'.
وكان هناك أسماء أخرى متداولة أيضا، مقل شقيق البغدادي 'جمعة البدري'، كما كشفت 'رويترز'، مؤخرا.
لكن بيان الجانب التركي ركزّ على القول إن 'الصميدعي' قياديا كبيرا، فيما تطرق إلى النص الذي تصفه به الأمم المتحدة.
ويضيف الباحث: 'من الواضح من إعلان إردوغان والتحقيقات التركية أن الصميدعي ليس هو الزعيم. لكن هذا الأمر يضيء أكثر على قيادة داعش من جديد'.
وما يعزز ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تضع 'الصميدعي' أيضا على قائمة المكافآت، ولم تؤكد من جانب آخر أنه 'هو من يتولى منصب الزعيم'.
وكل ما سبق 'يدخلنا'، حسب أبو هنية 'في دائرة تكهنات والتباس حول من هو أبو الحسن الهاشمي وأين يقيم؟'.
الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، محمد صفر يشير كذلك إلى ما سبق، ويبدو له حسب ما يقول أن 'الصميدعي كان مرشحا لخلافة قرداش، لكن ربما إلقاء القبض عليه حال دون هذا الإعلان'.
ويقول صفر لموقع 'الحرة' الأمريكي: 'هو أحد المرشحين ولا أعتقد أنه زعيم داعش الحالي'، معتبرا أن السلطات التركية أجلت إعلان القبض عليه من شهر مايو إلى الآن، 'من أجل التحقق عما إذا كان الزعيم أم مجرد قيادي'.