اتصل بنا
حالة الطقس في العراق
حالة الطقس في العراق
الطقس في العراق
الأمطار في العراق
المطر في العراق
المطر في بغداد

سيرك مقتدى الصدر في العراق

سيرك مقتدى الصدر في العراق
سكاي العراق

فاروق يوسف

ما بين تجميد تياره السياسي وإعادته إلى الحياة يفصل نصف شهر فقط. قرر مقتدى الصدر العودة الى العمل السياسي في نهاية الشهر المنصرم بعد أن أعلن في منتصف الشهر نفسه اعتزاله السياسة.

كم مرة فعلها في السابق؟ كم مرة سيفعلها في المستقبل؟ ولكن السؤال يجب أن لا يوجه إليه بل إلى أتباعه والمؤمنين بخطه السياسي. اما أؤلئك الذين توجوه إماماً غائباً فلا أحد يعتب عليهم. ليس غريبا أن ينتج العراق مجانين من أنواع، لم يتعرف عليها الطب من قبل بعد أن استولى القراصنة على سفينته.

العراق دولة يحكمها زعماء ميليشيات لا تُخفي ولاءها لدولة أجنبية. يوهم مقتدى الآخرين بأنه مختلف عن سواه في ذلك المجال الضيق. وما يقوله يناقض ما يفعله. على سبيل المثال. يزعم مقتدى أنه ضد النظام الطائفي. ذلك كلام غير صحيح. غير مرة قام مقتدى بانقاذ ذلك النظام، أما من خلال إجهاض الحراك السياسي الشعبي أو التصدي بالسلاح للمحتجين. لا يختلف سلاح مقتدى عن أسلحة الآخرين، فهو موجه إلى الشعب وهو في خدمة النظام وسياساته بما في ذلك التبعية لإيران.

حقيقة أن مقتدى هو واحد من أكبر المستفيدين من نظام المحاصصة الطائفية تؤكدها وقائع عشرين سنة من الفساد الذي كان مقتدى نفسه واحدا من رواده. عبر سنوات طويلة أستولى مقتدى وتياره على وزارات خدمية، كانت بؤرا لفساد معلن يكشف عن زيف ادعاءاته بمناهضة الفساد. ولو لم يكن الأمر كذلك لشهد القطاع الصحي في العراق نهضة تغني العراقيين عن هدر أموالهم في تركيا والهند وإيران طلبا للعلاج. كانت وزارة الصحة بكل منشآتها بيده دائما.

السؤال الأبرز هو "من أين تتدفق الأموال على مقتدى وتياره ومَن يزود ميليشياه بالسلاح؟"

اللعبة التي لعبها مقتدى من خلال الظهور بلباس ولغة المعارض هي لعبة سمجة ولا يصدقها مَن هو جاهل أو مستفيد منها. وعلى الطرفين تقف الملايين التي تقف وراء "الزعيم الشيعي الشاب" الذي لم ينفق دينارا عراقيا واحدا على التعليم. فهو بالرغم من جهله السياسي يدرك أن التعليم في أقل مستوياته سيكون الوسيلة التي تكشف عن عمليات التضليل التي يمارسها.

لقد قيل إنه انزعج من محاولات البعض تتويجه إماماً غائباً، أي المهدي المنتظر. وهو كلام فيه الكثير من التضليل. ذلك لأنه ليس من المستبعد أن تكون أذرع وأجهزة مقتدى هي التي تقف راء إشاعة تلك النظرية التي خطط مسبقا أن يتبرأ نها. كل الحكايات التي لُفقت حوله هي وسائل لسرقة الزمن وإلهاء الشعب العراقي عن الحقائق التي تمثل جوهر واقعه.

كل هذا الإفقار والتجهيل والعمى والفوضى وضياع الهدف وضعف القيم وشيوع الكراهية وتفشي الفساد وسواها من المشكلات التي هبطت على رأس الشعب العراقي انما هي من صنع الطبقة السياسية التي ينتمي إليها مقتدى الصدر. فلو لم يكن جزءا من تلك الطبقة الفاسدة لما مولت الدولة مشروعه المتخلف ولأصدرت الولايات المتحدة عقوبات تحد من حركته ولأمرت إيران أتباعها في السلطة بأن يقدموه إلى المحاكم وفي ذمته الكثير من ملفات الفساد وجرائم القتل.

هناك وثائق وأفلام كثيرة تدين مقتدى بسبب مساهمته في قتل العراقيين في سنتي الحرب الاهلية وما بعدهما. ولكن لا أحد يقوى على فتح تلك الملفات لأن مقتدى هو واحد من أهم مفاتيح العملية السياسية التي أقامها الأميركان في العراق وتولت إيران رعايتها والإشراف عليها.

لذلك فإن دورة حياة الصدر السياسية التي يتجاذبها غيابه وحضوره انما هي جزء من لعبة، يُراد منها إطالة عمر النظام الطائفي الذي لا يمكنه البقاء طويلا بسبب مخالفته لشروط وعناصر وأسباب الحياة في عصرنا.

وهو ما يعني أن مقتدى ينفخ الروح في جثة هامدة، ستبقي العراق دولة فاشلة وشعبا مغيبا وإرادة وطنية عاجزة. ما فعله مقتدى وما يفعله الآن انما هو نوع من تزجية الوقت لينعم الفاسدون بأطول وقت ممكن من التمتع بخيرات العراق وليلتهم الفساد أكثر ما يلتهم من النفوس والضمائر والقيم الأخلاقية وليتحول العراق أكثر وقت ممكن إلى مستنقع للفساد المدعوم بجهل اسطوري.

وأخيرا أقول لو أن نموذج مقتدى وُجد في أي مكان آخر غير العراق لشعر الشعب بالعار مما هو فيه. وهو ما يحتم على الشعب العراقي أن ينهي واحدة من أسوأ فقرات التهريج الذي يعيشه.

سجل بريدك الإلكتروني لتلقى أهم الأخبار
المزيد من الأخبار
أخبار مواقع حكومية