"لقاءات شاذة" في زياراته للعراق.. تقارير ترصد تحركات قاآني الخارجية
رصدت تقارير غربية، تحركات قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، العميد إسماعيل قآاني، ونشاطه الداخلي والإقليمي، بما في ذلك العراق الذي احتل المرتبة الأولى وفق التغطيات الإعلامية المتوفرة، حيث ارتكزت أدواره العراقية على تشكيل الحكومة ومنع التصعيد مع الولايات المتحدة من خلال الفصائل المسلحة، وملف تواجد الفصائل الكوردية المعارضة.
وذكر "معهد دول الخليج العربي في واشنطن" في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "الزيارات التي نقلتها وسائل الإعلام الإيرانية الخاضعة للرقابة الحكومية للعميد قآاني، تظهر شذوذاً طفيفاً فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني".
ورغم عدم وجود أي دليل دامغ على تورط فيلق القدس المباشر في هجوم حماس، إلا أن التقرير الأمريكي قدم نظرة عامة على مهمات قآاني وربما أولوياته منذ تعيينه قائداً لفيلق القدس في 3 كانون الثاني/ يناير العام 2020.
قاآني تحت المجهر
وأوضح التقرير، أن خلال عملية البحث عن "قآاني" و"قوة القدس" في ترجمات حرفية مختلفة في المصادر الفارسية والإنكليزية على الإنترنت، بما في ذلك بحث عبر "غوغل"، ومراقبة "بي بي سي الشرق الأوسط"، وقاعدة بيانات "نور ماغز"، ظهر أن هناك 138 تقريراً عن أماكن وجود العميد قآاني في الفترة من 3 كانون الثاني/ يناير 2020 إلى 3 تشرين الاول/ أكتوبر 2023.
وبحسب ما تظهره هذه التقارير، فإن قآاني أمضى معظم وقته في إيران (94 تقريراً)، يليها العراق (32 تقريراً)، وسوريا (10 تقارير)، ولبنان (تقريران).
ووفق الزيارات التي قام بها إلى الخارج، فإن العميد قآاني قام بـ26 زيارة إلى الخارج منذ كانون الثاني/ يناير 2020، 18 منها إلى العراق، و6 إلى سوريا، و2 إلى لبنان.
ولفت التقرير إلى عدم وجود شيء استثنائي في التغطية الإعلامية لأنشطة العميد قآاني داخل إيران، موضحة أن من بين التقارير الـ94 التي تغطي نشاطاته في إيران، كان هناك 53 منها يتعلق بحضوره مراسيم تشييع أو جنازة لأفراد فيلق القدس وعائلاتهم، مشيراً إلى أنه يخصص وقتاً طويلاً للتعبير عن احترامه للجنود الذين سقطوا وعائلاتهم.
كما أن هناك 23 تقريراً يتعلق بوظائفه العامة وهو يرافق مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى، وإحاطة الهيئات الرسمية، مثل البرلمان أو مجلس الخبراء، وحضور خطابات المرشد علي خامنئي.
18 زيارة للعراق
ورأى تقرير "معهد دول الخليج العربي" ومقره واشنطن، أن هذه التقارير حول زيارات قآاني الخارجية تتوافق إلى حد كبير مع ما يمكن توقعه من قائد فيلق القدس، لكن يبدو أيضاً أن هناك "شذوذاً طفيفاً فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني".
وأوضح التقرير، أن العميد قآاني زار العراق في 18 مناسبة، إذ كان لاغتيال أبو مهدي المهندس، سبباً في حالة فوضى داخل قوات الحشد الشعبي الذي لم يتعاف منها حتى الآن.
وبحسب التقرير الأمريكي، فإن قآاني كرس بعد تعيينه في المنصب، وخوفا على الأرجح من أن اغتيال سليماني كان هدفه إثارة حرب مع إيران، جهداً كبيراً من أجل الدبلوماسية الهادئة التي تركز على الولايات المتحدة، حيث كانت تعليماته للفصائل الشيعية تتعلق بعدم إعطاء الولايات المتحدة أو إسرائيل أي مبرر لبدء الحرب.
وبرغم أن الفصائل العراقية هاجمت في بعض الأحيان، أهدافاً أمريكية في العراق، إلا أن قآاني خلال اجتماعاته مع مسؤولي الحكومة العراقية، كان ينفي التلميحات إلى أن الهجمات كانت بأوامر من إيران، وفقاً للتقرير.
ونوه التقرير إلى أن قآاني، وبصفته قائداً لفيلق القدس، شارك في مفاوضات مطولة للتوصل إلى تشكيل حكومة عراقية مقبولة لدى طهران، مضيفاً أن ذلك ساهم في تحول المجتمع العراقي ضد إيران، التي أصبح يتم النظر اليها على أنها عنصر مزعزع للاستقرار في السياسة العراقية.
المعارضة الكوردية
وبالإضافة إلى ذلك، قال التقرير إن قآاني كان مهتماً أيضاً بوجود مقاتلي المعارضة الكوردية الإيرانية المسلحة في إقليم كوردستان، واستخدام إسرائيل المزعوم للمجال الجوي العراقي لمهاجمة أهداف في إيران.
ولكن بحسب التقرير، فأنه كان هناك أيضاً "أمراً شاذاً" في زيارات قآاني إلى العراق، موضحاً أن خلال زيارته الأخيرة في الفترة من 5 إلى 13 أيلول/ سبتمبر الماضي، كان من المقرر أن يلتقي بممثلين عراقيين وفلسطينيين.
واعتبر معهد "دول الخليج العربي"، تلك الزيارة، الإشارة العلنية الوحيدة إلى اجتماعات قآاني الشخصية مع قيادات فلسطينية في أي مكان، وهو ما يمثل "حالة شاذة" في مهمات العميد الإيراني الخارجية.
سوريا ولبنان
وبين التقرير الأمريكي، أن خلال زيارات قآاني الست إلى سوريا، كانت تندرج ضمن نطاق ما يمكن توقعه من قائد فيلق القدس، فمع حلول العام 2020، استقر نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وتغير هدف التدخل العسكري لفيلق القدس في سوريا من تحقيق استقرار النظام وتأمين ممر بري يربط إيران والعراق وسوريا بلبنان، إلى إقامة قوة نائمة، تتمثل في الجبهة ضد اسرائيل على الحدود السورية الإسرائيلية.
وأشار التقرير، إلى أن قآاني خلال زياراته السورية، كان يقوم بتفقد فيلق القدس والقوات المتحالفة معه وكذلك الحدود العراقية السورية.
لكن اللافت للنظر، وفق التقرير، هو أن منذ تولي قاآني قيادة فيلق القدس، لم يقم بزيارة الأراضي الواقعة تحت سيطرة حزب الله اللبناني، سوى مرتين.
وأوضح التقرير أنه خلال زيارة قآاني إلى لبنان في 1 كانون الأول/ ديسمبر العام 2020، يعتقد أنه أصدر تعليماته لقيادة حزب الله بتجنب استفزاز إسرائيل بعد اغتيال عالم نووي إيراني يعتقد أن إسرائيل كانت وراءه.
وبحسب التقرير، فإن آخر زيارة قام بها قآاني إلى لبنان، كانت في نيسان/ أبريل الماضي، وخدمت غرضاً معاكساً وهو تنسيق هجوم صاروخي ضد إسرائيل في 6 نيسان/ أبريل الماضي كما تردد وقتها.
وخلص التقرير الأمريكي، إلى عدم توفر دليل متاح علناً حول تورط فيلق القدس في الصراع المستمر بين إسرائيل وحماس، باستثناء بعض "الحالات الشاذة" المحدودة، وهذا ما يتناقض بشكل كبير مع خطابات ومراسلات قآاني العامة في الأيام الأخيرة، والتي تتضمن جميعها كلمة "فلسطين".
وختم تقرير معهد "دول الخليج العربي" بالإشارة إلى أن تتبع تحركات قآاني، يوفر نظرة عميقة على المهمات العامة لفيلق القدس، وربما يكشف، مع مرور الوقت، عن تعديلات في الأدوار التي يركز عليها.