مرشح الحلبوسي لرئاسة البرلمان في موقف "لا يحسد عليه".. وعيد واتهامات ومال سياسي
توعد ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، بقلب نتائج الجولة الأولى التي تقدم فيها مرشح محمد الحلبوسي، شعلان الكريم بانتخابات رئاسة مجلس النواب، مؤكداً رفضه التام لترشيح الكريم لـ"تمجيده حزب البعث" في ظل وجود قانون المساءلة والعدالة الذي يمنع ذلك، كما تم رفع دعوى للمحكمة الاتحادية العليا لبطلان عضويته من البرلمان.
وأخفق مجلس النواب العراقي للمرة الثالثة على التوالي في اختيار رئيساً له خلفاً لمحمد الحلبوسي، المستبعد من المنصب بقرار من المحكمة الاتحادية، وقررت رئاسة البرلمان في ساعة متأخرة من ليل السبت-الأحد رفع الجلسة حتى إشعار آخر بعد جولتين من التصويت، انتهت الثانية منها بمشاجرات وخلافات أفشلت عملية التصويت.
ويعكس رفع جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب العراقي اليوم الأحد استمرار الخلافات بين الكتل السياسية في البلاد، وعدم قدرتها على تجاوز خلافاتها والاتفاق على مرشح توافقي لمنصب رئيس المجلس.
وانتهت الجولة الأولى من التصويت على رئيس مجلس النواب الجديد، بوقت سابق من يوم السبت، بتقدم مرشح الحلبوسي، شعلان الكريم بـ152 صوتاً، وجاء خلفه النائب سالم العيساوي مرشح تحالف السيادة بـ97 صوتاً.
وبلغ عدد المرشحين لمنصب رئيس مجلس النواب، خمسة نواب وهم كل من: محمود المشهداني، سالم العيساوي، شعلان الكريم، طلال الزوبعي، وعامر عبد الجبار، فيما انسحب المرشح السادس عبدالرحيم الشمري قبيل انعقاد الجلسة لصالح شعلان الكريم.
وقال الشمري في بيان عبر صفحته على فيسبوك إن انسحابه من الجولة الأولى يهدف لتقليص دائرة المنافسة، لكنه أكد "احتفاظه بالحق القانوني بالترشح في الجولة الثانية إذا لم يتم حسم اختيار رئيس مجلس النواب في الجولة الأولى".
وسادت الجلسة أجواء غير مستقرة ومشاجرات من قبل نواب في "الإطار التنسيقي" سعوا لمنع فوز مرشح حزب "تقدم" الذي يتزعمه رئيس البرلمان المقال، محمد الحلبوسي، ما دفع رئاسة البرلمان الى رفع الجلسة.
وقدّم عدد من نواب "الإطار التنسيقي" طلباً إلى رئاسة البرلمان، لإضافة فقرة تعديل النظام وتحجيم صلاحيات رئيس البرلمان، وهو ما أحدث شدّاً وجذباً داخل الجلسة.
وقالت النائبة عن القوى الكردية، سروة عبدالواحد، على منصة "إكس" إن "بدعة تعديل النظام الداخلي وإلغاء صلاحيات رئيس المجلس في أثناء فقرة التصويت على اختيار الرئيس أدت إلى رفع الجلسة إلى إشعار آخر".
موقف حاد من ائتلاف المالكي
وفي هذا السياق، يؤكد النائب عن ائتلاف دولة القانون، فراس المسلماوي، أن "في جلسة يوم أمس استعمل المال السياسي بشكل مقزز ومخالف للدستور والقوانين، وهي وصمة عار لكل من شارك وساهم فيه".
ويرى المسلماوي في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "البدايات (الجولة الأولى) ليست كنهاياتها، وستنعكس نتائج الجولة الأولى في الجولة الثانية، بسبب أن معظم النواب لم يكونوا مطلعين على سيرة المرشح لرئاسة مجلس النواب وتاريخها السياسي والطائفي وتمجيدها لحزب البعث المنحل".
ويضيف: "لذلك ستكون هناك خطوات عدة مقبلة، منها أن رئيس لجنة الشهداء قدم كتاباً رسمياً لهيئة المساءلة والعدالة لشمول النائب شعلان الكريم بالمساءلة والعدالة، وبعض النواب ذهبوا للمحكمة الاتحادية وطلبوا إصدار الأمر الولائي بإيقاف ترشيح المدعو شعلان الكريم".
ويشير المسلماوي إلى "إمكانية تقديم شخصيات أخرى بدلاً عن الكريم، مثل رئيس لجنة التعليم العالي مزاحم الخياط، أو عضو اللجنة القانونية عبدالكريم عبطان، فهؤلاء يتمتعون بالمقبولة، وليس لديهم تاريخاً في حزب البعث".
ويؤكد المسلماوي على عدم وجود رغبة شخصية بمنع الكريم، بل أن "قانون المساءلة والعدالة هو الذي يمنع، ويعد تمجيد حزب البعث جرماً، لذلك لن نسكت على هذا الأمر حتى على كونه عضواً في البرلمان، فقد ذهب نواب إلى المحكمة الاتحادية وقدموا بعدم صحة عضوية شعلان الكريم كنائب في مجلس النواب، فهو مرفوض تماماً".
وأعرب المسلماوي عن عزمه "كشف النواب الذين من محافظات الوسط والجنوب الذين سيصوتون لشعلان الكريم ويكون القرار للشعب العراقي بعد اطلاعه على من يدعم ويصوت لمن يمجد بالنظام البائد".
وفي وقت سابق من اليوم، تسلمت المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق)، دعوى ببطلان ترشيح شعلان الكريم لرئاسة مجلس النواب العراقي، وتضمنت طلباً بإصدار أمراً ولائياً بإيقاف جلسة الانتخاب لحين حسم الدعوى.
"صفات لا تليق"
من جانبه، يشير المستشار القانوني لدائرة التشريع بمجلس النواب، غازي فيصل مهدي، إلى أن "قانون المساءلة فيه تعريف لأعوان النظام والمتعاونين معهم، لذلك من يمجد ويتأسف على ما حصل مع النظام السابق يعتبر متعاوناً معه، وهو محظور بموجب الدستور على كل العراقيين".
ويوضح مهدي لوكالة شفق نيوز، أن "هذه الصفات لا تليق بعضو مجلس النواب ومن باب أولى برئيس المجلس، لذلك الأفضل أن لا يترشح على رئاسة المجلس".
الجهة المعنية بالنظر في ملف الكريّم
بدوره، أكد الخبير في الشأن القانوني سالم حواس، أن النظر بقضايا تمجيد نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وحزبه اختصاص القضاء وليس هيئة المساءلة والعدالة.
وأبدى حواس، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، استغرابه من "طروحات بعض النواب من طلب إحالة النائب شعلان الكريم المرشح لرئاسة البرلمان إلى هيئة المساءلة والعدالة لاتهامه بترويج وتمجيد نظام صدام حسين وحزبه كونه اتهام مخالف للاختصاص النوعي والوظيفي والعيني وإنما المختص بذلك هو القضاء العراقي من خلال محكمة التحقيق ومحكمة الجنايات المختصة".
ورأى أن "التلويح بهذا الاتهام وطلب إحالة شعلان الكريم الى هيئة المساءلة والعدالة او كسر النصاب القانوني لجلسة التصويت ليس له قيمة قانونية أو دستورية لاعتبارات عديدة منها أنه عضو مُصوت ومصادق عليه في مجلس النواب وقد تجاوز الحديث عن هذه الجزئية واجتياز هذا الشرط سلفاً، ومن جهة اخرى يجب ان يكون الطلب موجهاً للقضاء مشفوعاً بالأدلة والوثائق وصدور حكم قضائي ونهائي بات".
وأكد الخبير في الشأن القانوني، أن "القانون الذي يحكم هذه المسألة هو قانون رقم 32 لسنة 2016 حظر حزب البعث والكيانات والأحزاب والأنشطة العنصرية والارهابية والتكفيرية والمنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4420 وتاريخ 17-10-2016 في المواد 8،9،10،11،12،13،14، وما بعدها وليس قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة رقم 10 لسنة 2008 وبذلك يتوجب على النواب عدم الخلط بين القانونين والجهتين والاختصاصيين".
وفي السياق نفسه، يقول الخبير القانوني، علي كاظم الرفيعي، إن "النائب يتمتع بالحصانة، وإن اتهام شعلان الكريم بالترويج لحزب البعث يحتاج إلى الذهاب للقضاء وتوجيه اتهام له بعد رفع الحصانة عنه".
ويضيف الرفيعي لوكالة شفق نيوز، أن "إحالة الكريم للقضاء ينبغي أن تكون بموافقة من البرلمان نفسه، لذلك تحتاج المسألة إلى إجراءات قانونية".
وكانت المحكمة الاتحادية قد قررت في نوفمبر الماضي، إنهاء عضوية الحلبوسي إثر دعوى قضائية أقامها ضدّه النائب ليث الدليمي اتّهمه فيها بالتزوير.
ومنذ إنهاء عضوية الحلبوسي في مجلس النواب، عقد المجلس جلسات عدة لانتخاب رئيساً جديداً له إلا أنه لم يتم طرح الموضوع في تلك الجلسات بسبب عدم اتفاق رؤساء الكتل السياسية على المرشح البديل.
الحل القانوني
من جهته، يرى الباحث في الشأن السياسي، حميد الهلالي في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "الحل القانوني الوحيد لاختيار رئيساً للبرلمان، هو أن تقدم الأسماء المرشحة للتصويت بغض النظر عن قوميتها ومنطقتها ومن يحصل على أعلى الأصوات يعاد التصويت بينهما ومن يحصل على أعلى الأصوات يفوز ويكون رئيساً للبرلمان".