دراسة توضح الاسباب التي تجعل تموز أكثر حرارة كل عام؟
شهر يوليو/تموز 2023 كان هو الأكثر سخونة على الإطلاق في تاريخ قياس متوسطات درجات الحرارة العالمية، وفقًا لعلماء في معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، ومع الارتفاع المستمر في درجات الحرارة يخشى العلماء أن يكون يوليو/تموز 2024 واحدًا من أكثر الشهور حرارة، وقد يتغلب على سابقه ليحصل على المرتبة الأولى.
وبدأ الصيف في نصف الكرة الأرضية الشمالي بالفعل، ودخلت العديد من الدول بالفعل في عدد من الموجات الحارة التي تميزت بالشدة والطول قياسا بالسنوات السابقة في أجزاء كثيرة من العالم بما في ذلك الولايات المتحدة والمكسيك وأوروبا وجنوب آسيا وبالطبع عالمنا العربي.
ما يتسبب بتبادل الفصول هو ميل كوكب الأرض على محورها بمقدار 23.4 درجة، وهذا يجعل الأرض تميل ناحية الشمس في بعض الأوقات أو مبتعدة عنها في الأوقات الأخرى.
ويؤثر ذلك في تركيز أشعة الشمس على سطح الأرض، وبالتالي تتأثر كمية الحرارة التي تتعرض لها منطقة ما، فتكون أكبر كلما كان نصف الأرض الخاص بنا مائلا ناحية الشمس، ويحدث ذلك في الصيف حيث تتركز الأشعة الشمسية على المناطق الواقعة حول مدار السرطان.
ويبدأ الصيف رسميا في لحظة الانقلاب الصيفي التي تحدث عادة في 20 أو 21 يونيو/حزيران في نصف الكرة الشمالي، وفي هذا اليوم تتعامد الشمس تماما على مدار السرطان.
وتصل الشمس بالنسبة لنا في العالم العربي وبقية دول شمال العالم إلى أعلى نقطة لها في السماء عند الظهر، مما يؤدي إلى تركيز أشعة الشمس في مساحة أقل، وهو ما يرفع درجات الحرارة.
لماذا يوليو/تموز هو الأشد حرارة؟
غالبا ما يكون شهر يوليو/تموز الأكثر سخونة في العام في أجزاء كثيرة من نصف الكرة الشمالي، وذلك لأسباب عدة أولها الانقلاب الصيفي، حيث يميل عندها نصف الكرة الشمالي بشكل مباشر نحو الشمس، وينتج عن ذلك أقصى قدر من التعرض للشمس.
لكن على الرغم من ذروة التعرض الشمسي التي تحدث في أواخر يونيو/حزيران، فإن درجات الحرارة لا تصل إلى الحد الأقصى إلا بعد عدة أسابيع في يوليو/تموز، ويرجع هذا التأخير إلى أن سطح الأرض -وخاصة محيطاته- تحتاج إلى مزيد من الوقت ليصبح أدفأ بعد تلقي الطاقة الشمسية.
ويتمتع الماء بقدرة حرارية نوعية عالية، مما يعني أنه يمكنه امتصاص الكثير من الحرارة قبل أن ترتفع درجة حرارته بشكل ملحوظ.
وللسبب نفسه تكون فترة بعد الظهيرة أحر من فترة الظهيرة، فعلى الرغم من أنه في وقت الظهيرة تكون الشمس في أعلى نقطة لها في السماء، وبالتالي فإن كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى سطح الأرض يكون في أقصى حد له، فإن سطح الأرض يأخذ بعض الوقت الإضافي لامتصاص الطاقة الشمسية ثم إطلاقها مرة أخرى.
هل تصبح شهور يوليو/تموز مستقبلا أكثر حرارة؟
الاحترار العالمي هو ارتفاع متوسط درجات الحرارة الخاص بكوكب الأرض، ويختلف هذا عن ارتفاع الحرارة السنوي الخاص بمدينتك، ففي حالة الاحترار العالمي يقيّم العلماء متوسط درجات الحرارة التي تُقاس على مدى عقود متتالية.
ويحدث ذلك بسبب تأثير الصوبة الزجاجية، حيث تدخل أشعة الشمس إلى الأرض ثم تمتصها الأخيرة وتنفثها للفضاء مرة أخرى، لكن بارتفاع نسبة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي (مثل ثاني أكسيد الكربون بصورة خاصة)، ترتفع قدرة الغلاف الجوي على حبس جزء من تلك الأشعة ومنعه من الخروج، مما يتسبب باحترار الغلاف الجوي.
وتتفق الغالبية العظمى من أبحاث هذا النطاق على أن استخدام البشر للوقود الأحفوري الذي ينفث كمية هائلة من ثاني أكسيد الكربون، هو السبب الرئيسي لحدوث الاحترار العالمي، حيث ارتفعت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لتتخطى حاجز 400 جزء من المليون، أي أكثر من ثلث ما كان موجودا قبل الثورة الصناعية، بل وأكثر مما كان موجودا خلال مئات الآلاف من السنوات السابقة.
ويعني ذلك أنه من المرجح أن نواجه شهور يوليو/تموز أشد حرارة مستقبلا، كما أن الظواهر المناخية المتطرفة (مثل الموجات الحارة) تميل إلى أن تكون أشد وأطول وأكثر ترددا مع احترار المناخ، مما يرفع عدد الأيام التي يمكن للإنسان أن يتعرض خلالها للأثر الضار لحرارة الشمس.
وتكمن خطورة ارتفاع درجات الحرارة في أثرها المباشر على صحة الإنسان، لأن الحرارة المرتفعة تفتح الباب للإصابة بالإجهاد الحراري، والذي يعرّف بأنه عدم قدرة الجسم على التكيف مع ارتفاع الحرارة، وبالتبعية لا يتمكن من تبريد نفسه، ويتسبب ذلك بأعراض تبدأ بالعطش والجفاف وقد تصل إلى صدمة حرارية يصاب خلالها الشخص بصداع شديد وفقدان للتركيز والتهاب في الجلد.انتهى25/ي