رعاية صحية متدهورة و عزلة أجتماعية .. كبار السن في السليمانية يشكون الكثير
مع تزايد أعمار السكان وتغير هيكلية الأسرة والمجتمع في السليمانية، يواجه كبار السن تحديات متزايدة في حياتهم اليومية، بدءًا من ضعف الرعاية الصحية وصولًا إلى العزلة الاجتماعية، حيث يجد العديد من كبار السن أنفسهم في مواجهة مستقبل غير مؤكد.
وتُعد الرعاية الصحية أحد أكبر التحديات التي تواجه كبار السن في السليمانية، حيث يعاني العديد منهم من أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. ومع ذلك، فإن الوصول إلى خدمات صحية ملائمة غالبًا ما يكون صعبًا.
رعاية صحية "متدهورة"
تحدث حسن أحمد، رجل في السبعين من عمره,قائلاً: "أعاني من مرض السكري منذ عشر سنوات، ولكن الحصول على الأدوية الأساسية أصبح صعبًا جدًا بسبب الأسعار المرتفعة ونقص بعض الأدوية في الصيدليات. حتى عندما أزور المستشفى، أجد أن الرعاية ليست كما كانت من قبل، ولا يوجد اهتمام كافٍ بحالتي الصحية."
عزلة اجتماعية وفقدان الدعم الأسري
العزلة الاجتماعية تُعد تحديًا آخر يواجه كبار السن، حيث تتغير بنية الأسرة التقليدية وتقل فرص التواصل مع أفراد الأسرة والأصدقاء. تحدثت فاطمة علي، وهي سيدة مسنة تعيش في حي سرجنار، قائلة: "كان لدي أربعة أبناء، لكنهم جميعًا انتقلوا إلى مدن أخرى بسبب العمل. أعيش وحدي، ولا أرى أحفادي إلا نادرًا. أشعر بوحدة شديدة، ولا توجد الكثير من الأنشطة أو المراكز الاجتماعية التي يمكنني المشاركة فيها.
ضغوط اقتصادية ومعيشية
يؤكد الحاج أحمد مراد، وهو رجل في الستينيات من عمره، في حديثه، أن الضغوط الاقتصادية تمثل عائقًا كبيرًا أمام كبار السن، خاصة أولئك الذين يعيشون على معاشات تقاعدية منخفضة أو لا يمتلكون أي دخل ثابت.
ويضيف أنه بعد سنوات من العمل، يجد نفسه الآن يعيش على معاش تقاعدي بالكاد يكفي لتغطية احتياجاته الأساسية. ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأدوية، أصبح من الصعب عليه أن يعيش حياة كريمة. والحكومة تقدم بعض المساعدات، لكنها لا تكفي لتغطية جميع النفقات.
نقص المرافق المخصصة لكبار السن
تقول زينب علي إنه، بالرغم من تزايد أعداد كبار السن في السليمانية، إلا أن هناك نقصًا واضحًا في المرافق والخدمات المخصصة لهم، مثل مراكز الرعاية النهارية أو الأنشطة الترفيهية والاجتماعية التي تلبي احتياجاتهم. وتشير زينب: "نحن بحاجة إلى المزيد من المرافق التي تلبي احتياجاتنا، مثل النوادي الاجتماعية أو المراكز التي تقدم خدمات رعاية يومية. نشعر بأننا منسيون في هذه المدينة، ولا أحد يهتم برفاهيتنا".
تحديات نفسية وعاطفية
تؤكد نسرين علي، وهي باحثة اجتماعية، أنه إلى جانب التحديات الجسدية والاقتصادية، يعاني العديد من كبار السن من مشكلات نفسية مثل الاكتئاب والقلق نتيجة فقدانهم لأحبائهم أو بسبب الشعور بالعزلة والتهميش.
وتضيف، أن "العديد من كبار السن يعانون من الاكتئاب والقلق بسبب العزلة وفقدان الدعم الاجتماعي، وهم بحاجة إلى مزيد من الدعم النفسي والعاطفي. ولكن للأسف، لا توجد برامج كافية لتلبية هذه الاحتياجات."
جهود حكومية ومبادرات مجتمعية
رغم التحديات الكبيرة، هناك بعض الجهود الحكومية والمبادرات المجتمعية التي تحاول التخفيف من معاناة كبار السن، ولكنها غالبًا ما تكون غير كافية. يقول هيمن محمد، المتحدث الرسمي باسم المديرية العامة للتنمية الاجتماعية في السليمانية، "نحن ندرك التحديات التي يواجهها كبار السن، ونعمل على تطوير برامج دعم ورعاية لهم، لكننا بحاجة إلى مزيد من الموارد والدعم من المجتمع المدني لضمان توفير حياة كريمة لكبار السن."
ويضيف أن، دار المسنين التابعة للمديرية تقدم كافة الخدمات الصحية والنفسية والمادية للمسنين، أما لأولئك الذين هم خارج هذه الدار، فقد تم التنسيق والاتفاق مع بعض المستشفيات في المحافظة لتقديم التسهيلات الصحية لهم. وتواجه كبار السن في السليمانية تحديات كبيرة تتطلب اهتمامًا عاجلًا من قبل الحكومة والمجتمع. مع تزايد أعدادهم، يصبح من الضروري توفير الرعاية الصحية المناسبة، ودعمهم اجتماعيًا واقتصاديًا، وخلق بيئة تضمن لهم حياة كريمة وآمنة. إن توفير الحلول لهذه التحديات ليس فقط مسؤولية الحكومة، بل هو واجب مجتمعي يتطلب تعاون الجميع لضمان أن يعيش كبار السن سنواتهم الأخيرة بكرامة وراحة.