الخنجر يدخل على الخط.. حرب التسريبات الصوتية في العراق وسط جهل رقمي لدى الطبقة السياسية
تداول رواد على مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل إعلام عراقية، الأحد، تسجيلاً صوتياً منسوباً إلى السياسي العراقي خميس الخنجر، يشكو فيه إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من بعض الإجراءات التي تجري في دائرة الأوقاف بالوقف السُني، ومما يحدث فيه من بيع لبعض العقارات، وفقاً للتسجيل.
وقبله بأيام، انتشر أيضاً، تسجيل صوتي منسوب إلى رئيس هيئة المستشارين في مجلس الوزراء العراقي، عبد الكريم الفيصل، يتحدث فيه عن أحد المشاريع الاستثمارية، وتطرق إلى استلامه مليون دولار، دون الإشارة إلى طبيعة المال الذي استلمه.
وبشأن التبعات القانونية لهذه التسجيلات، يقول المحامي العراقي حبيب عبد إن "أي تسريب صوتي يتضمن اعترافا عن فعل جرمي، يجعل أطراف التسريب تحت طائلة القانون والمحاسبة، وهو قرينة قانونية تستوجب التحقيق، سواء كان مرتكب هذه الجريمة المتحدث أو كلاهما، أو طرف تم ذكره أثناء التسريب".
ويضيف: "الأصل أن التنصت لا يجوز إلا بأمر قضائي، وجمع الأدلة يجب أن يكون وفق الإجراءات المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية، لكن إذا تسرب تسجيل يكون قرينة، يمكن أن تكون سبباً للإدانة إذا اقترنت بدليل آخر، أما إذا ثبتت براءة الشخص، يمكنه أن يقيم دعوى بالتعويض على من سرب الحديث وفق المادة 438 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969".
وتنص المادة 438 من قانون العقوبات العراقي، على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مئة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بإحدى طرق العلانية إخبارا أو صورا أو تعليقات تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد، ولو كانت صحيحة إذا كان من شأن نشرها الإساءة إليهم.
، وكل من اطلع من غير الذين ذكروا في المادة 328 على رسالة أو برقية أو مكالمة تلفونية فأفشاها لغير من وجهت إليه إذا كان من شأن ذلك إلحاق ضرر بأحد. وقبل تسريبي الخنجر والفيصل، انتشرت مجموعة كبيرة من التسجيلات الصوتية، كان أبرزها تلك التي انتشرت لرئيس الحكومة العراقية الأسبق نوري المالكي، التي تحدث فيها عن الحشد الشعبي، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وقضايا أخرى، وأثارت حينها ضجة سياسية كبيرة.
ويقول المحلل السياسي علي البيدر إن "الهدف من هذه التسريبات تحقيق ضغط سياسي ومساومات وابتزاز سياسي، وهي نتيجة حتمية لغياب حالة النضج في المشهد السياسي العراقي، وتؤثر بالمجمل على الأوضاع في البلاد، خاصة إذا ما وجد أي استقرار أو إنجاز حكومي، وقد تخلق أزمات أكبر".
ويضيف: "وكلما كانت هذه التسريبات بهدف الشخصنة وليست بهدف الإصلاح وكشف الفساد أو الانتهاكات الإنسانية، فستكون ضمن حرب تسريبات لا تنتهي، وقد تؤدي إلى أزمات متلاحقة".
وفي عام 2022 عندما أثيرت الضجة بشأن التسريبات الصوتية التي نُسبت لنوري المالكي، قرر القضاء إخلاء سبيله بكفالة، بعد مثوله أمام محكمة تحقيق الكرخ الثالثة.
وقبل أشهر، نقلت وسائل إعلام عراقية وسياسيين عراقيين، معلومات عن تورط موظفين حكوميين بـ"التجسس" على شخصيات سياسية، عُرفت باسم شبكة (محمد جوحي) وهو ابن شقيق رائد جوحي مدير مكتب رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي.
لكن القضاء العراقي أعلن في بداية سبتمبر ٢٠٢٤، أن المعلومات المتداولة بشأن قضية "جوحي" غير دقيقة، ولم تظهر حتى اللحظة أي معلومات جديدة عنها.
وعلى المستوى التقني، فإن مؤمل الجبوري وهو رئيس شبكة الإعلام الرقمي في العراق: "هناك جهل رقمي كبير لدى غالبية الطبقة السياسية في العراق، يتجلّى في الاتهامات المتبادلة فيما بينهم بما يخص أساليب التجسس والتنصت، بعضها كان اتهامات هوليودية ليست مبنية على أي أساس تقني وغير مدعومة من مختصين بالمجال التقني".
ويضيف: "كما يتّضح عدم المعرفة بالتفاصيل التقنية عند محاولة إنكار التسجيل على أنه تزييف باستخدام تقنيات التزييف العميق والذكاء الاصطناعي، الأمر الذي ثبُت خطأه أكثر من مرة بعد أن أثبتت التحقيقات القضائية صحة بعض التسجيلات الصوتية التي سربت لشخصيات بارزة".