النفط والسلطة والظل الأميركي.. الصراع الكردي الخفي يعطل تشكيل حكومة الإقليم

في وقتٍ تتجه فيه الأنظار إلى بغداد، تغلي الساحة السياسية الكردية بصراعٍ محتدم لا يقل خطورة، يدور خلف الأبواب المغلقة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين: الحزب الديمقراطي الكردستاني (KDP) والاتحاد الوطني الكردستاني (PUK). هذا الصراع المتفاقم لم يعد مجرد خلاف سياسي طبيعي، بل تحوّل إلى أزمة معقدة تشل مؤسسات إقليم كردستان، وتؤخر تشكيل حكومة جديدة، وتفتح الباب لتدخلات خارجية ذات أبعاد خطيرة، منها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو استخباري تقوده الولايات المتحدة وإسرائيل.
توزيع المناصب والسلطات
الحزب الديمقراطي يهيمن على أربيل ودهوك، ويريد السيطرة على رئاسة الحكومة والمواردفي حين ان الاتحاد الوطني يتمسك بنفوذه في السليمانية ويريد ضمان حصته في الحكومة القادمة، حيث بلغ الخلاف حد تجميد جلسات برلمان الإقليم وانعدام التوافق حتى على آلية تشكيل الحكومة.
2. أزمة الثقة المتراكمة
تصاعد الاتهامات بالخيانة، والاغتيالات السياسية الغامضة، مع تصعيد إعلامي وتحريض متبادل بين أنصار الطرفين، والذي تسبب بتعطيل مشاريع استراتيجية بسبب غياب التوافق بين الطرفين.
1. تهريب النفط
يُتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني بتهريب النفط من كردستان عبر الحدود التركية ومن ثم لاسرائيل بصفقات غير معلنة
مصادر تؤكد أن جزءاً من العائدات لا يدخل خزينة الإقليم، بل يُستخدم لدعم شبكات مصالح حزبية.
2. الصفقات الخارجية
هناك خلافات حول الاتفاقات السرية التي يُبرمها كل طرف مع شركات نفطية أجنبية بشكل منفصل، هدفها التنافس على الامتيازات من شركات تركية وإسرائيلية وأميركية تعمل في قطاع الطاقة.
ثالثًا: التدخلات الخارجية.. إسرائيل وأميركا في العمق
1. الولايات المتحدة
تدعم واشنطن بشكل غير مباشر الحزب الديمقراطي الكردستاني، لاعتباره أكثر “قابلية للتحالف” مع استراتيجياتها في العراق وسوريا، وهي تمارس ضغوطًا على الاتحاد الوطني للقبول بحكومة تخدم التوازن الأميركي في كردستان.
2. إسرائيل
يُتهم الموساد بإقامة علاقات استخبارية مع أطراف فاعلة داخل الحزب الديمقراطي، خاصة في ملف المراقبة على أنشطة جهات معادية لإسرائيل، حيث تنشط شركات إسرائيلية في قطاع الطاقة بكردستان بشكل غير معلن.
رابعًا: التهريب والاقتصاد الأسود
يتم تهريب العملة الصعبة، الذهب، والسلع إلى خارج الإقليم عبر شبكات محمية سياسيا ، وتشير بعض التقارير عن تورط أطراف كردية في تسهيل عمليات تهريب مختلفة لتركيا واسرائيل مقابل أرباح هائلة، هذا الاقتصاد الموازي يُمكّن الأحزاب من الاستغناء عن الدولة ويُعطّل أي مشروع إصلاح أو توحيد اقتصادي.
خامسًا: هل هناك أمل في تشكيل حكومة؟
لا يبدو أن تشكيل حكومة في الإقليم سيكون قريباً ما لم يتم تدخل إقليمي أو دولي مباشر.
وهناك مقترحات لتشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة وحدة وطنية، لكن يُفشلها غياب الإرادة السياسية ، وسط سخط متزايد من قبل الشارع الكردي والذي وقد يفتح ذلك الباب أمام احتجاجات أو انقسامات داخل الأحزاب نفسها.
ويؤكد خبراء استراتيجيون ان الصراع بين الحزبين الكرديين تجاوز كونه نزاعاً سياسياً بل تحول إلى معركة على الثروات والنفوذ، لتغذيه أطراف خارجية تسعى لضمان بقاء كردستان ضمن هندسة إقليمية تلائم مصالحها، في ظل هذا المشهد، يبقى المواطن الكردي الضحية الأكبر، فيما تتحول الديمقراطية إلى واجهة فارغة تخفي وراءها شبكة من الصفقات والتهريب والتحالفات الغامضة. انتهى / 25