خور عبد الله يعود للواجهة… جدل قانوني وسياسي بعد تأجيل البت في الطعن

عاد ملف اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله بين العراق والكويت إلى واجهة الجدل السياسي والقانوني، بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا تأجيل البت بالطعن المقدَّم من رئاستي الجمهورية والوزراء للمرة الثانية، حتى منتصف حزيران المقبل، وهو ما أثار تساؤلات عن دوافع التأجيل، وتخوفات من إمكانية تسييس الملف لصالح طرف على حساب السيادة العراقية.
وكانت المحكمة الاتحادية قد أصدرت في أيلول من العام الماضي قراراً بإبطال التصويت النيابي على الاتفاقية رقم (42) لسنة 2013، المتعلقة بتنظيم الملاحة في الممر المائي المشترك بين البلدين. وجاء قرار المحكمة مستنداً إلى مخالفة التصويت لمقتضيات المادة (61/رابعاً) من الدستور، التي تشترط سن قانون بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب للمصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
التحشيد الشعبي يتصاعد
قرار المحكمة الأخير بتأجيل النظر في الطعن أثار ردود أفعال متباينة، خصوصاً مع تصاعد الحراك الشعبي الرافض للاتفاقية، والذي تجسد في تظاهرات ووقفات احتجاجية بعدد من المحافظات العراقية، رُفعت خلالها شعارات تتهم بعض الأطراف السياسية بـ”التفريط بالسيادة الوطنية”، في وقت ترى فيه الحكومة أن الاتفاقية ملزمة، وتأتي في إطار التزامات دولية قائمة.
ويقول النائب مختار الموسوي، في تصريح لـ /المعلومة/، إن “قرار تأجيل الطعن المقدم من قبل رئاستي الجمهورية والوزراء بشأن إلغاء اتفاقية خور عبد الله أثار قلقاً لدى المعترضين، خصوصاً أنه قد يفتح المجال أمام تسييس القضية لصالح الجانب الكويتي”، مضيفاً أن “الاتفاقية تمس الأمن والسيادة الوطنية، وكان من المفترض البت فيها بشكل عاجل دون مماطلة”.
السلطة التنفيذية تتحرك للطعن
رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء قدمتا طعنين منفصلين إلى المحكمة الاتحادية، تطلبان فيهما العدول عن قرار الإبطال السابق، وإعادة الاعتبار للاتفاقية التي أُبرمت بين العراق والكويت في عام 2013. وجاء في مضمون الطعنين أن إلغاء الاتفاقية من طرف واحد قد يسبب توتراً في العلاقات الثنائية، ويسيء إلى التزامات العراق الدولية، خصوصاً في ملفات ترسيم الحدود التي أُقرت وفق قرار مجلس الأمن رقم 833.
ويرى مراقبون أن تأجيل المحكمة للنظر في الطعن قد يكون إما لإعطاء مزيد من الوقت لدراسة أبعاد القضية القانونية والدبلوماسية، أو نتيجة لضغوط سياسية داخلية وخارجية، وهو ما دفع ببعض المعارضين إلى استغلال فترة التأجيل لتوسيع قاعدة الرفض الشعبي، والتحشيد الإعلامي للضغط على المحكمة للثبات على قرارها السابق.
المشهد مفتوح على كافة الاحتمالات
تأجيل المحكمة الاتحادية للنظر في ملف بالغ الحساسية مثل اتفاقية خور عبد الله، يفتح الباب أمام تفاعلات جديدة، قد تزيد من تعقيد المشهد السياسي، خاصة في ظل استمرار الجدل حول حدود العراق البحرية، والتوترات المستجدة بعد زيارة النائب سعود الساعدي للحدود، والتي أثارت استياءً كويتياً عبّرت عنه وزارة خارجية الكويت برسالة احتجاج رسمية طالبت فيها بتوضيحات من مجلس النواب العراقي.
وبين من يراها اتفاقية ملزمة بموجب القانون الدولي، ومن يعتبرها تفريطاً بسيادة البلاد، يظل ملف خور عبد الله أحد أكثر الملفات إثارة للانقسام في العراق، فيما تبقى الكلمة الأخيرة بيد المحكمة الاتحادية، التي ينتظر منها البت النهائي في حزيران المقبل.انتهى/ 25م