موسوعة الأخبار موسوعة مفقودات العراق موسوعة وظائف العراق طقس العراق
مواضيع الأخبار
مصادر الأخبار
إتصال بنا
أو طلب إعلانات
Baghdad
موقع سكاي العراق

موقع سكاي العراق اليوم 10 خبر

"حين مات محمد دفنت الرسالة وقامت الدولة"

"حين مات محمد دفنت الرسالة وقامت الدولة"

كتبــ/ مـــــــراد الغـــــــضبان

ما إن أسلم النبي محمد صلى الله عليه وسلم الروح حتى انشقت الأمة إلى شق مذهول من هول الفقد وشق منشغل في سقيفة بني ساعدة يبحث عن من يحكم وبينما كان الجسد الطاهر للنبي ممددًا بلا جنازة ولا وداع رسمي انشغل كبار الصحابة أبو بكر عمر أبو عبيدة وسائر رجالات المدينة في معركة مبكرة على السلطة تخللتها كلمات قاطعة منا الأمراء ومنكم الوزراء نحن أولى بهذا الأمر بايعوا أبا بكر كلمات لم تكن نصًا من السماء بل انطلاقة أولية لتحول الإسلام من رسالة إلى مشروع سياسي

كل الروايات عند كافة المذاهب سنية كانت أم شيعية تتفق على أن الوحيد الذي تكفّل بتغسيل النبي وتكفينه ودفنه هو علي بن أبي طالب ابن عمه وصهره الذي بقي قربه غارقًا في الحزن بينما الآخرون كانوا يضعون أسس دولة

منذ تلك اللحظة لم يعد الإسلام رسالة فقط انتهى الوحي وبدأ التأويل الرسالة التي نزلت على محمد من السماء والتي كانت تحمل في جوهرها تحرير الإنسان أعيدت صياغتها على الأرض لتناسب منطق الدولة من لا إكراه في الدين إلى من بدل دينه فاقتلوه من وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين إلى جئناكم بجيش لا أول له ولا آخر

خلافة أبي بكر بدأت بحروب الردة لا على الكفر بل على من رفض دفع الزكاة لبيت المال عمر بن الخطاب أدار الدولة كما يُدار الجيش عثمان قُتل في فتنة لم تهدأ نارها حتى اليوم وعلي بن أبي طالب طُعن في محرابه بسيف سياسي أربعة خلفاء راشدين ثلاثة منهم ماتوا قتلى والرابع قوتل في حياته حتى خنقته الدولة

ومن بعدهم جاءت الدولة الأموية ثم العباسية حيث صار الإسلام اسمًا تتلوه الجيوش لا هداية تتبعها القلوب في عهدهم صار الدعاء للحاكم شرطًا في خطبة الجمعة وصار السيف أداة للتوحيد لا للعقيدة

لكن ذروة الانحراف تجلّت مع الدولة العثمانية أربعة قرون من 1517 حتى سقوطها في الحرب العالمية الأولى حكمت فيها باسم الخلافة الإسلامية بينما كانت في الحقيقة سلطة غربية الهوى تركية الهوية لا تمت للعرب إلا عبر الضرائب والقيود لم تبنِ مدرسة حقيقية لم تحرر شعبًا لم تؤسس لنهضة حكمت العرب كما يُحكم أي مستعمر بالقوة بالفرمان بالولاء للسلطان استخدمت الإسلام لتبرير الاحتلال تمامًا كما تفعل اليوم أنظمة تزعم التديّن من أنقرة إلى طهران ومن الرياض إلى كل فصيل يتوشح القرآن ويذبح باسمه

الدولة العثمانية لم تكن خلافة راشدة بل سلطنة استبدادية اختزلت الدين في العمامة والخطبة والراية السوداء وتركت وراءها مجتمعات مدمرة فقرًا معرفيًا وأمية حضارية

ومن يوم سقيفة بني ساعدة حتى آخر عثماني في إسطنبول ظل السؤال معلقًا هل الإسلام دين أم دولة الحقيقة التي يخشاها الجميع أن الإسلام لم يكن مشروع حكم بل مشروع هداية وكل من حاول أن يحكم باسمه إما زوره أو قتله

اليوم حين نرى الساسة يتوشحون الدين والأنظمة تتحدث باسم الشريعة والرايات ترفع نصوصًا مقدسة نعلم أن التاريخ لم يُقرأ جيدًا نعلم أن الجنازة التي لم تُحضر لم تكن فقط لوداع نبي بل كانت جنازة الرسالة التي دفنت بينما السياسيون يصنعون دولة

مصدر الخبر