#سيد علي خامنئي #قذيفة #بغداد #مجلس الوزراء #سوريا
موقع فارس

موقع فارس

منذ 4 سنوات

نيويورك تايمز: السعودية بدأت بتخفيف التوتر مع أعدائها وجيرانها لأن الدعم الأمريكي لن يأتي

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا تحدث عن التحول الجديد في الموقف السعودي من الأعداء بعد اكتشافها أن أمريكا لن تسارع للدفاع عنها.

فبعد أشهر من الهجوم بالصواريخ والطائرات المسيرة على المنشآت النفطية والذي اتهمت بتنفيذه إيران، قرر ولي العهد السعودي تبني موقف غير معهود في الدبلوماسية يهدف لترطيب العلاقات وتخفيف التوترات مع الأعداء بالمنطقة.

وقام ولي العهد بتكثيف المحادثات مع الحوثيين (حركة انصار الله) في اليمن الذين شن مع عدد من حلفائه حربا عليهم  قبل أربعة أعوام مما أدى لوقف الصواريخ على المدن السعودية. كما تحرك نحو تخفيف الحصار الخانق وليس إنهاؤه على الجارة قطر. بل وتحركت السعودية نحو العدو اللدود إيران وبحثت عن طرق للمحادثات معها لتخفيف حروب الظل الدائرة في المنطقة.

ويرى المحللون أن التحول من المواجهة إلى التفاوض هو نتيجة اكتشاف السعوديين أن السعودية لا يمكنها الاعتماد على الدعم الأمريكي كأمر مؤكد، وهو ما قامت عليه السياسة الخارجية الأمريكية ولعقود طويلة. ورغم اتفاق السعودية والولايات المتحدة على أن إيران هي التي تقف وراء الهجمات على أبقيق وخريص وأدت لوقف نصف صادرات السعودية النفطية مؤقتا إلا أن رد الرئيس دونالد ترامب كان التهديد والوعيد لا أكثر. وكان الرد الأمريكي الفاتر بمثابة صحوة للسعوديين الذين أنفقوا منذ عام 1973 نحو 170 مليار دولار على الأسلحة، فهم لا يستطيعون التعويل على واشنطن لكي تدعمهم بالقوة التي يتطلعون إليها. ونظرا لخوفهم من الدفاع عن أنفسهم بدون الغطاء الأمريكي، بدأت الرياض بالتواصل مع أعدائها لتخفيف التوتر.

ونقلت الصحيقة عن ديفيد روبرتس، الباحث في يونيفرستي كوليج بجامعة لندن: "أعتقد أننا سننظر لهجمات 14 أيلول (سبتمبر) كنقطة محورية في تاريخ الخليج الفارسي". ويضيف أن السعوديين اكتشفوا أن عليهم البحث عن طرق للتقارب في ظل انهيار فكرة دفاع الولايات المتحدة عنهم. ويظل التحول بالنسبة للولايات المتحدة تناقضا ظاهريا غير مريح؛ فلطالما ضغطت إدارة ترامب والكونغرس على السعوديين لوقف الحرب في اليمن وإنهاء حصار قطر بدون نتيجة. ويبدو أن الغارات الإيرانية فعلت لدعم هذين الهدفين أكثر من الضغوط الأمريكية. فمنذ عام 2015 دخلت السياسة الخارجية السعودية مع صعود الملك سلمان وابنه محمد مرحلة المواجهة.

وأدخل محمد بن سلمان بلاده في حرب مدمرة مع اليمن وفرض حصارا على قطر بتهم دعم الإرهاب والتقرب من إيران التي تعهد بمواجهتها. وقال النقاد إن الأمير الشاب كان متهورا وعنيدا وفشل في حملته باليمن وضد قطر. وتحولت الحرب مع الحوثيين إلى حالة من الجمود بات فيها الانتصار مستحيلا، أما قطر فقد استخدمت ثروتها وعلاقاتها الدولية لتجاوز آثار الحصار. ثم جاء الهجوم على منشآت النفط والذي كشف عن ضعف الصناعة النفطية السعودية، التي تعتبر جوهرة المملكة.

وقادت هذه الأحداث كما يقول روبرت مالي، المسؤول السابق في إدارة باراك أوباما، إلى "إعادة نظر من نوع ما" للسياسة السعودية. فالتحول المفاجئ للدبلوماسية مع قطر واليمن "يعكس رغبة سعودية لتقوية موقفها الإقليمي في وقت من عدم اليقين وحالة ضعف".

ورأى المحللون في عدم الرد الأمريكي على الهجمات ضربة لما أطلق عليها "عقيدة كارتر" التي تعود إلى عام 1980 عندما تعهد الرئيس جيمي كارتر باستخدام القوة لتأمين تدفق النفط من الخليج الفارسي بعد الثورة الإسلامية في إيران والغزو السوفييتي لأفغانستان. والتزم الرؤساء الأمريكيون الديمقراطيون والجمهوريون بهذا المبدأ حيث نظروا إلى السعودية كمصدر مهم للنفط العالمي والمصالح الأمريكية.

ويقول ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: "طوال المدة التي عملت فيها بشؤون الشرق الأوسط، كان هذا سبب وجودنا هناك: حماية تدفق النفط". وبعد الهجمات أرسل ترامب القوات الأمريكية إلى السعودية لتشغيل أنظمة باتريوت الدفاعية، وهو رد أقل من المتوقع بعد تعهده بمواجهة إيران. ولكنه قرر إلغاء الهجوم عليها بداية صيف عام 2019 لتجنب الخسائر المدنية كما قال. وقال كوك: "ما لم يفهمه السعوديون" هو أن "ترامب قريب من رؤية باراك أوباما أكثر مما يعرفون، فكل شيء حول الخروج من الشرق الأوسط".

وتدهورت سمعة السعوديين في الكونغرس بسبب حرب اليمن وحصار قطر ثم قتل الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول العام الماضي. وظل ترامب يدعم السعودية رغم الغضب في الكونغرس وفي دوائر من حكومته كحليف عربي مهم ومشتر للسلاح الأمريكي. لكن مع قرب الانتخابات الأمريكية العام المقبل، اكتشف السعوديون أن ترامب قد يجد موقفه الداعم لهم كتهمة أمام الناخبين الأمريكيين وربما وجد الرئيس الجديد، إن لم ينتخب ترامب مرة ثانية، موقفا مختلفا منهم.

ويقول إيميل هوكاييم من المعهد الدولي للدراسات الدولية والإستراتيجية إن دفاع ترامب عن السعوديين في كل لفتة وحركة أمر صعب ولهذا قرروا تخفيف سياساتهم في الوقت الحالي. كما أن العلاقة بين السعودية وحليفتها الإمارات كشفت بعدما قررت الأخيرة سحب قواتها من اليمن في حزيران (يونيو). وفي تموز (يوليو) قامت الإمارات بعقد لقاء مع إيران حول الأمن البحري في الخليج الفارسي في محاولة منها لتخفيف التوتر في المنطقة وتأمين أراضيها وحماية سمعتها. ولم يرد المسؤولون السعوديون على أسئلة تتعلق بالدبلوماسية الحالية، إلا أنها لم تثمر بعد. ففي اليمن تم تبادل سجناء بين الطرفين كبادرة حسن نية.

وفي الشهر الماضي قال المبعوث الدولي لليمن مارتن غريفيث إن الغارات قلت بنسبة 80% من التحالف الذي تقوده السعودية. ولم يقتل مدنيون في الهجمات منذ ذلك الوقت كما تقول راضية المتوكل من منظمة مواطنة الحقوقية اليمنية. ولكنها قالت إن السعوديين لم يكونوا ليختاروا تخفيف التوتر لو كانت الحرب تسير في صالحهم وقت الضربة على أبقيق، ولم يكونوا ليتحدثوا مع الحوثيين ولواصلوا التصعيد كما تقول. وبالنسبة للمواجهة مع قطر لم يحدث إلا تخفيف بسيط رغم حديث المسؤولين بين البلدين. وما يلحظ هو أن الهجمات والإهانات على وسائل التواصل الاجتماعي ضد قطر وأميرها قد خفت في الفترة الأخيرة، ولم تغلق الدوحة قناة الجزيرة التي طالبت دول الحصار بوقفها. ويسود هدوء في الفترة الأخيرة لنقد قطر بالوسائل الإعلامية المؤيدة للحكومة السعودية.

وبدلا من نشر انتقادات للمواطنين السعوديين الذين سافروا إلى قطر، تتجاهل الحكومة الأمر بل وأرسلت فريقها لكرة القدم للمشاركة في مباريات كأس دول الخليج الفارسي التي اقيمت بالدوحة، كما التقى وزير الخارجية القطري مع مسؤولين سعوديين. وحققت قطر تقدما في واشنطن؛ ففي الوقت الذي دعم فيه ترامب الحصار إلا أنه رحب العام الماضي بأمير قطر في واشنطن وأرسل هذا الشهر ابنته إيفانكا للمشاركة في مؤتمر مهم عقد بالدوحة.

ولكن العداء ضد قطر لم يخف في الإمارات التي كانت قائدة للحصار ولا تزال تتعامل مع قطر بطريقة تعتبرها تهديدا. ومشاعر عدم الثقة متبادلة من جانب قطر والتي تحدث مسؤولوها عن إمكانية المصالحة مع السعودية وليس الإمارات، مما أدى لانقسام التحالف ضدها. وعلى جانب إيران فالتقدم ليس واضحا وهو نادر. وبعد سنوات من العداء والرهانات العالية بين البلدين دخلت دول مثل الباكستان والعراق على الخط لبناء قنوات اتصال بين الطرفين.

ولا يعرف المدى الذي تذهب فيه الجهود هذه، خاصة أن التقارب السعودي مع طهران قد يؤدي لإغضاب ترامب. ويبدوا أن الولايات المتحدة لن تتعامل بسهولة مع القناة السعودية- الإيرانية في وقت تحاول فيه عزل طهران.