#كتاب #امطار #الأمم المتحدة #اليمن #إقليم كردستان العراق
موقع عربي بوست

موقع عربي بوست

منذ سنتين

تاريخ البهرة الذين يحتفي بهم السيسي، ولماذا أثار ترميمهم لبعض مساجد مصر جدلاً سياسياً ومعمارياً؟

أثارت مرافقة سلطان طائفة البهرة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأربعاء 27 إبريل/نيسان 2022 ، خلال افتتاحه لمسجد الحسين الذي رمَّمته الطائفة، تساؤلاتٍ حول طبيعة هذه الطائفة الغامضة، وسر علاقتها القوية بالنظام المصري منذ السبعينات، وأسباب الانتقادات التي وُجّهت لعمليات الترميم التي نفذتها في بعض المساجد التاريخية المصرية.

ورحب الرئيس عبد الفتاح السيسي مفضل سيف الدين، سلطان طائفة البهرة بالهند، ووصفه بأنه ضيف عزيز وغالٍ على مصر دائماً، وأردف قائلاً: "أشكر حضرتك على الاهتمام والجهد اللي بتقدمه تجاه أضرحة آل البيت".

وشارك السيسي في الافتتاح، الأمراء من أشقاء سلطان البهرة وأنجاله، منهم الأمير القائد جوهر عز الدين، والأمير جعفر الصادق سيف الدين، وكذلك محمد حسن ممثل السلطان بمصر، حسب وسائل الإعلام المصرية.

وسبق أن ساهم البهرة في صندوق تحيا مصر الذي أنشأه السيسي بنحو عشرة ملايين جنيه مصري، ونوَّه المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بالعلاقة الروحية التي تربط بين أبناء الطائفة ومصر.

وقال المتحدث الرسمي للرئاسة السفير بسام راضي إنه في إطار العلاقات الوطيدة التاريخية بين مصر وطائفة البهرة، فإن سلطان البهرة له جهود مقدرة في ترميم وتجديد مقامات آل البيت وعدد من المساجد المصرية التاريخية، منها أضرحة السيدة نفيسة، والسيدة زينب، وسيدنا الحسين، فضلاً عن الأنشطة الخيرية الأخرى المتنوعة لطائفة البهرة في مصر، بالإضافة إلى دعم صندوق "تحيا مصر".

قصة نشأة طائفة البهرة في مصر الفاطمية

البهرة كلمة هندية معناها التجارة أو التاجر باللغة الغوجارتية الهندية، وهي إحدى الطوائف المنتمية للمذهب الإسماعيلي الذي أسس أتباعه الدولة الفاطمية في مصر، ولكن ساهمت الطبيعة الباطنية للمذهب الإسماعيلي في ظهور عشرات الانشقاقات المذهبية.

ففي عام 1094م (487هـ)، حينما توفي الخليفة المستنصر بالله، نشب خلاف بين ابنيه المستعلي ونزار. تحول الخلاف إلى شقاق مَذهبي، نتجت عنه طائفة الشيعة النزارية، وطائفة المستعلية التي ينتمي إليها البهرة. وما زال الخلاف بين الطائفتين (النزارية والمستعلية) مستمراً حتى الآن.

وحكم أنصار المستعلي مصر حتى هزمهم صلاح الدين الأيوبي طاوياً حقبة الدولة الفاطمية. لكن المستعليين لم تنطوِ صفحتهم، بل انتشروا في العديد من دول العالم، وشكلوا قوة اقتصادية عبر عملهم بتجارة الورق، والرخام، والمنتجات الغذائية.

والشيعة الإسماعيليون الذين ينتمي لهم طائفة البهرة، يختلفون تماماً عن الشيعة الاثني عشريين المنتشرين الآن في إيران والعراق والشام، والمفارقة أنه رغم أن معظم المصادر السُّنية تعتبرهم عقائدياً أبعد عن المذهب السُّني من الاثني عشرية والزيدية، فإنهم يرفضون التورط في الصراع الشيعي-الإيراني/ السُّني-العربي، الدائر الآن، وتلقى الطوائف الإسماعيلية بمختلف مشاربها تقديراً كبيراً من الحكومات الغربية والعربية.

وكانت أرض اليمن هي المحطة الأولى لطائفة البهرة، لكنهم سرعان ما انتشروا في الهند عن طريق عملهم بالتجارة، ونجحوا في جذب عدد كبير من الهندوس إلى مذهبهم، وفي هذه المرحلة سمّوا "البهرة"، وأصبحت الهند المركز الرئيسي لطائفتهم.

ولكن إضافة للهند، فللبهرة انتشار في كل من اليمن وباكستان وكينيا وتنزانيا والكويت والإمارات ومنطقة نجران بالسعودية، ويصل عدد أتباع الطائفة إلى حوالي مليونين.

يتسمون بالثراء الفاحش ولا يُخفون ذلك

ويحاول البهرة أن يكون طراز حياتهم فاطمياً دوماً.

ويتزعمهم السلطان الذي يتولى حكم الطائفة ويسمى (الداعي) أو (برهان) ويُعد ممثلاً دنيوياً ودينياً للإمام الغائب، ويحوز مكانة مرموقة لدى الأتباع.

وهم مشهورون بمزاولة التجارة والثراء العظيم؛ إذ يعد البهرة من الطوائف الثرية بفضل تجارتهم الواسعة. ورغم أن حجم ثرواتهم غير معلوم بدقة، لكن يدل عليها إنفاقهم ببذخ على ترميم مساجد الفاطميين في مصر، وبناء العديد من المساجد في الهند وجنوب آسيا، وقصور داعيتهم المنتشرة في عدد من الدول منها مصر. ويبوح قادتهم بهذا دون وجل؛ إذ قال ممثل طائفة البهرة باليمن سلمان رشيد، في حديث صحفي عام 2001: "عندنا أموال كثيرة، من أجل التعمير.. تعمير المساجد والمدارس".

وبحسب الموسوعة، فإن دعوتهم قد وصلت إلى بلاد الهند عن طريق تجارتهم الناجحة، وخط السير الذي كان يصل بين اليمن وتجار الهند.

ولا بدَّ أن يدفع كل بالغ من البهرة مبلغاً من المال على دفعتين في العام للجماعة، يذهب جزء من المبالغ إلى خزينة سلطان البهرة، ويحتفظ مندوبوه المعروفون بالعمال في الأقاليم بالباقي، ويحصل كل منهم على مرتب ثابت ومقر لإقامته بالمجان، فضلاً عن مكافأة من خزينة المجلس للطائفة، ولهذا يطمع الكثيرون في هذه المناصب.

ويشدد سلاطين البهرة عند زيارتهم للدول الإسلامية على ضرورة مقابلة رئيس الدولة وكبار الحكومة، وقد كان الاستعمار البريطاني يستقبل سلطانهم بواحد وعشرين طلقة مدفع كما يستقبل الملوك والرؤساء، كما يصر الداعي على أن تصحبه المواكب الضخمة، وسيارات الرئاسة في البلد المضيف، والموسيقى العسكرية التي تعزف بالنشيد البهري الخاص.

ولقب "الداعي" مخصص للزعيم الذي يتولى حكم الطائفة، ويعتبر ممثلاً دنيوياً للإمام ويتولى نيابةَ الإمامِ الدينية.

وأتباع الداعي يطيعونه طاعة عمياء، وهناك عهد قديم بالولاء للإمام الطيب والإمام المنتظر. والداعي المطلق عندهم معصوم في كل تصرفاته.

يؤكد مؤرخون أن البهرة لا يسمحون لأحد باعتناق مذهبهم إلا إذا كان ذا أصل بهري، ويعتقدون بعصمة أئمتهم. كما يؤمنون بضرورة تقديم الصلاة والأعياد قبل يوم أو يومين، ويعملون دون كلل لإحياء ما يتعلق بالفاطميين من قبور ومساجد.

موقف الأزهر منهم

ويعتمد البهرة في عقائدهم على كتب لم يطبع إلا قليل منها، وبينها كتاب "النصيحة" لمؤلفه الداعي 51 طاهر سيف الدين، و"دعائم الإسلام" و"الحقائق"، و"ضوء نور الحق المبين".

وقد اشتهر البهرة بالتزامهم الكبير بمذهبهم والتقاليد المنبثقة عنه، فهم متشبثون بزيهم الخاص اللافت للانتباه، ولديهم أماكن خاصة للعبادة، ويتحاشون أداء الصلاة في باقي المساجد الخاصة بالمسلمين.

بحسب ما تصف الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: البهرة طائفة تنتسب إلى الإسلام، وانحدرت من الطائفة الإسماعيلية التي تدعو إلى إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق.

ولكن هناك العديد من الآراء التي تصف عقيدة البهرة بأنها ليست من الإسلام، ففي تغريدة لموقع "الإسلام سؤال وجواب" الرسمي، الخاص بالفتاوى، تقول إحدى الفتاوى إن البهرة "فرقة باطنية تخالف أصول الإسلام وتهدمها".

وحسب ما نقل موقع الموسوعة الشاملة عن كتاب: فتاوى دار الإفتاء المصرية لدار الإفتاء المصرية، فإن البهرة في صلواتهم يجمعون بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ولا يصلون الجمعة، بل يصلونها ظهراً، ويصلون العيد أربع ركعات ودون خطبة، ويقدسون مأساة كربلاء لمدة عشرة أيام، ويحتفلون بيوم "غدير خم" في يوم 18 من ذي الحجة الذي يقول الشيعة إن الرسول أوصى فيه للإمام علي، ويصومون فيه ويجددون العهد للداعي المطلق في بومباي أو الدعاة المبايعين وهم نوابه في الأقاليم.

وهناك غموض حول موقف الأزهر ودار الإفتاء المصرية الحالي من البهرة وهل يرونهم مسلمين أم لا، ولكن تقارير إعلامية متعددة تتحدث عن موقف سابق من الأزهر ودار الإفتاء يراهم غير مسلمين.

وسبق أن أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى تصف البهرة بأنهم "طائفة خارجة عن الإسلام"، حسب تقارير متعددة، منها ما قاله الباحث التاريخي محمود جابر لموقع رصيف 22.

وأفادت تقارير إعلامية بأن مجمع البحوث الإسلامية ذكر أن هناك فتوى للشيخ سليم البشري شيخ الأزهر الشريف وذلك عام 1910، بكفر زعيم البهائيين ميزر عباس، كما صدر حكم قضائي عام 1946 من محكمة المحلة الكبري الشرعية بطلاق امرأة اعتنق زوجها تلك النِّحْلة على اعتباره مرتداً، كما أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر عام 1947 فتوى بردة من يعتنق تلك الطائفة.

ورغم اتفاق البهرة ظاهرياً مع غيرهم من المسلمين في العبادات والشعائر، فإنهم يعتقدون عقائد باطنية بعيدة كل البعد عند معتقد أهل السنة والجماعة.

وتزعم بعض التقارير أن البهرة يعتقدون بألوهية أئمتهم، فيصلون كما يصلي المسلمون، ولكنهم يقولون إن صلاتهم للإمام الإسماعيلي الطيب بن الآمر، الذي دخل الستر سنة 525 هجرياً، (حسب اعتقادهم)، وأن أئمتهم من نسله إلى يومنا الحاضر، بينما في رأي البعض أن ‏البهرة مذهب ديني، مسالم وحريص على مد أواصر المحبة والسلام مع الآخرين، وأتباعه من أكثر المسلمين حرصاً على تقوية أفراد مجتمعهم، تعليماً وثقافةً واقتصاداً كذلك.

ويقال إنهم يؤدون شعائر الحج كما يؤديها المسلمون، ولكنهم يقولون إن الكعبة التي يطوفون حولها هي رمز للإمام، وهكذا يذهبون في عقائدهم مذهباً باطنياً يلتقي مع التيار الباطني العام.

علاقتهم بمصر

تحتل مصر مكانة مركزية لدى طائفة البهرة بالنظر إلى أنهم يرون أنفسهم امتداداً للدولة الفاطمية التي حكمت مصر خلال العصر الإسلامي، ورغم تركزهم في الهند، لكن أنظارهم ظلت معلقة بالشرق العربي، وبالقاهرة مدينتهم التاريخية؛ حيث مراقد الأئمة والمساجد المقدسة التي شهدت مولد مذهبهم.

وتُعدّ زيارة قبور الأجداد ومشاهدة آثارهم من أهم الطقوس لدى البهرة، فهم يأتون إلى مصر لزيارة مساجد الحاكم بأمر الله، والجيوشي، والأقمر، وغيرها من الآثار الفاطمية الشهيرة.

منذ ثلاثينات القرن الماضي، بدأ البهرة رحلة عكسية غرباً تجاه العالم العربي، حيث زَار السلطان طاهر سيف الدين، مصر، عام 1938، والتقى طلعت حرب وعدداً من أعيان وباشوات ذلك الزمان. واستمر منذ ذلك الوقت في الانتقال والهجرة إلى الدول العربية، خصوصاً ضمن الهجرات الهندية إلى دول الخليج العربي.

لدى البهرة الآن تجمعات في الكويت والسعودية، وبالطبع دبي، أحد مراكز أعمالهم التجارية، كما تربطهم علاقات قوية بحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حسبما ورد في تقرير لموقع المدن.

في كل بلد يسعى البهرة إلى دخوله يطرقون أولاً الأبواب الرسمية عبر زيارة الحاكم وتقديم الهدايا والتبرعات للحكومات وشعوب تلك البلدان. ويلتزمون بعدم العمل في السياسة ولا يسعون إلى نشر مذهبهم، لا يختلطون أو يتزوجون من أهل تلك البلدان، ويرفضون التعامل مع الصحافة والإعلام.

وبدأ قادة البهرة في التواصل مع القيادات المصرية منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إذ استطاع سلطانهم برهان الدين لقاء عبد الناصر والتنسيق معه لرعاية أبناء الطائفة والسماح لهم بممارسة طقوسهم، لكن بعد حادث المنشية عام 1954 التي اتهم فيها عبد الناصر الإخوان المسلمين بمحاولة اغتياله، جرى التضييق عليهم فركنوا إلى الظل وأخدوا يمارسون طقوسهم بهدوء، حتى وجدوا طريقهم إلى السلطة مرة أخرى عن طريق ترميم المساجد الأثرية، وهو المجال الذي حققوا فيه نجاحاً كبيراً، دفع جامعة الأزهر لإعطاء سلطان البهرة الدكتوراة الفخرية عام 1966.

ولكن انطلاقة البهرة الحقيقية في مصر جاءت مع الرئيس الراحل أنور السادات، حيث التقى بسلطان البهرة محمد برهان الدين، وتبرع الأخير بعشرات الملايين لصالح تسديد ديون مصر، والإنفاق على ترميم عشرات المساجد والأضرحة. وكان أبرزها الجامع الأقمر، المجاور لمسجد الحاكم بأمر الله، وافتتحه الرئيس السادات بحضور سلطان البهرة. كما كرم السادات سلطان البهرة بوسام النيل، وهو أرفع وسام مصري. وفي المقابل سمح السادات للبهرة بممارسة طقوسهم الدينية في القاهرة الفاطمية، وتحديداً في مسجد الحاكم بأمر الله الذي يحمل قدسية خاصة لدى طائفة البهرة.

ولأسباب غير مفهومة، حمل حسني مبارك احتراماً وتقديراً كبيراً للشيعة الإسماعيليين، ويمكن وصف فترة مبارك بأنها العصر الذهبي لكل طوائف الشيعة الإسماعيليين في مصر بما فيهم البهرة.

فالشيعة الإسماعيليون النزاريون، بقيادة الآغا خان الرابع، الشاه كريم الحسيني، سُمح لهم بالعمل داخل مصر عبر مؤسسة الآغا خان التي أقامت ودعمت مئات المشاريع الخيرية والثقافية، أبرزها بالطبع مشروع حديقة الأزهر الذي تكفلت مؤسسة أغا خان للتراث المعماري بإقامتها في قلب القاهرة. وتبرع السلطان محمد برهان الدين بعشرات الملايين من الدولارات إلى الحكومة المصرية، طوال عهد حسني مبارك، وحظي بتقدير مبارك وزوجته. وقمة هذا التقدير كانت في العام 2010، حينما ذهب مبارك بنفسه لاستقبال سلطان البهرة في مطار شرم الشيخ.

بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، انزوى البهرة تحسباً للإخوان والسلفيين، ثم عادوا للظهور مرة أخرى بعد 3 يوليو/تموز 2013، عقب لقاء شهير بين الداعي مفضل سيف الدين والرئيس السيسي. والآن يتوافدون إلى مصر باستمرار، ومنهم من يعيش بشكل دائم في القاهرة، ويقدّر عدد هؤلاء بنحو 2000 شخص.

والتقى سلطانهم الرئيس السيسي 3 مرات خلال 4 سنوات فقط، وذلك قبل اللقاء الأخير، وتمارس الطائفة الآن شعائرها الدينية دون خوف، بفضل ما تتمتع به من علاقات قوية مع السلطة، حسب موقع إضاءات.

ويسعى البهرة إلى تأمين وجودهم في مصر وضمان حريتهم في ممارسة شعائرهم الدينية بالمساجد الفاطمية التي يعتبرونها مساجد أجدادهم، عن طريق مد أواصر العلاقات مع القيادة السياسية في مصر، غير عابئين بما ينفقونه في سبيل ذلك من أموال، سواء مباشرة عن طريق التبرع لصندوق "تحيا مصر" أو غير مباشرة عن طريق ترميم المساجد الفاطمية ومساجد آل البيت النبوي.

طوال وجودهم في مصر لم يمارسوا أي نشاط إعلامي سوى في العام 1993، حينما أصدروا كتيباً صغيراً بعنوان "مسلمون فاطميون"، تضمن توثيقاً لكل أنشطتهم الخيرية وعمليات ترميم الآثار التي مولوها في مصر ودول شمال إفريقيا، حيث آثار الفاطميين القدامى.

أما السلطات المصرية فتسعى إلى الاستفادة من طائفة البُهرة بكافة الطرق الممكنة. فبشكل مباشر تحصل على تبرعات نقدية من سلطان الطائفة بشكل شبه دوري، وبشكل غير مباشر تجتذب السلطة أموال البهرة الضخمة لإقامة مشروعات في مصر، وتشجعهم على القيام بالسياحة الدينية في أرض الفاطميين.

ومن خلال البهرة أيضاً، تروج السلطات المصرية لنفسها باعتبارها "منفتحة على كافة الأديان والطوائف، ومؤمنة بأهمية الحوار بين كافة شعوب العالم بمختلف مذاهبها وأعراقها"، وذلك على العكس من الإسلاميين السياسيين.

يعيش البهرة في مصر حياة انعزالية، لا يختلطون بباقي المصريين، ويسكنون في أماكن محددة، أشهرها القاهرة الفاطمية، والمهندسين، وتحديداً شارع سوريا، حيث يوجد مبنى خاص بهم يضمّ إدارة شؤون الطائفة. ويعيش عدد كبير منهم في فندق "الفيض الحاكمي" بمنطقة الدَّرَّاسة المجاورة للأزهر الشريف. ويوجد الأمن المصري في هذه الأماكن بصورة ملحوظة.

وأكّد الباحث التاريخي محمود جابر لموقع رصيف 22، أن لا أحد يمكنه التأكد من صحة الشائعات التي يرددها المصريون عن البهرة، لأنهم لا يحتفلون أمام أحد ولا يبوحون بأسرار مذهبهم لأحد من خارج الطائفة.

انتقادات لعملية ترميمهم مسجد الحاكم بأمر الله

لمسجد الحاكم بأمر الله أهمية مركزية في عقيدة البهرة وتاريخهم، حيث يعتقدون أن في مسجد الحاكم بأمر الله بئراً مقدسة، وأن جدهم مدفون فيها، فيصرون على الوضوء في بقعة محددة من المسجد والشرب منها للتبارك بها، حسبما ورد في تقرير لموقع قناة العربية.

وهم يؤمنون بأن الحاكم بأمر الله سيظهر ذات يوم خارجاً من أحد تلك الآبار.

والحاكم بأمر الله واحد من أشهر وأغرب حاكم مصر، حيث اشتهر بأنه حرم الملوخية ودعا الناس إلى عبادته، فطارد المصريون اتباعَه في الشوارع، ويعتقد أنهم هربوا للشام، حيث أسسوا المذهب الدرزي.

ويعد مسجده الواقع في شارع المعز لدين الله الفاطمي آية للعمارة الإسلامية بالقاهرة.

ويمكن ملاحظة البهرة في مسجد الحاكم بأمر الله، حيث الرجال بملابسهم البيضاء الموحدة، والنساء بملابسهم الملونة المزركشة. يحضرون قبل الصلاة بساعة على الأقل، ويصلون كجماعة مُنفصلة في زاوية من زوايا مسجد الحاكم بأمر الله، حسب تقرير موقع المدن.

ويشترون عدداً من العقارات والمباني السكنية المجاورة لمسجد الحاكم بأمر الله، وعلى طول شارع المعز لدين الله الفاطمي.

ولا يخضع مسجد الحاكم بأمر الله لنفوذ وإشراف البهرة رسمياً، فهو مسجد تابع لوزارة الأوقاف المصرية، لكن الوزارة تغض الطرف عن أنشطتهم، باعتبار أنهم لا يمثلون خطراً سياسياً وأمنياً على الدولة، شأنهم شأن الطرق الصوفية والجماعات الشيعية التي تمارس شعائرها في منطقة القاهرة المكتظة بالأضرحة ومساجد آل البيت النبوي، مثل مساجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وغيرها.

وأفاد تقرير لموقع مجلة روزاليوسف المصرية الحكومية، بأن مصادر أثرية موثوقة تتحدث عن وجود أخطاء في أعمال الترميم التي جرت لمسجد الحاكم بأمر الله الأثري، بسبب تدخلات طائفة البهرة، حيث إنهم الذين يتحملون تكاليف الترميم.

وطبقاً لهذه المصادر فإن هذه الأخطاء الفادحة في ترميم مسجد الحاكم بأمر الله تمثل امتداداً لأخطاء مماثلة حدثت لاثنين من أشهر الآثار الإسلامية الفاطمية، التي تمثل قيمة كبيرة لطائفة البهرة، أحدهما هو مسجد اللؤلؤة في المقطم ومسجد ومشهد الجيوشي، حيث نقلت المجلة عن أحد المصادر أن طائفة البهرة تكاد تكون احتكرت مسجد اللؤلؤة، وهي التي قامت فيه بأعمال ترميم منذ حوالي 20 سنة مع مسجد الجيوشي.

وكانت أغلب الترميمات حينها عبارة عن دهانات، معظمها أبيض اللون، ما أفقد المسجدين جانباً كبيراً من قيمتهما الأثرية والتاريخية، حيث كان كل ما تم حينها مخالفاً لكل أعراف ومواثيق الترميم، وفي السبعينات أيضاً قامت طائفة البهرة بأعمال ترميم لجامع الحاكم، تضمنت عمل أرضية صحن المسجد بالرخام، وهو ما أفقد الجامع طابعه التاريخي، والمثير أن مآذن جامع الحاكم نجت حينها من ذلك الترميم الخاطئ.

وتفيد موسوعة العمارة الفاطمية بأن جماعة البهرة أزالت في عملية الترميم المدرسة التي كانت بصحن الجامع، وتضمّن المشروع نقل زاوية أبي الخبر الكليباتي من أمام مدخل الجامع إلى قرافة المماليك، وتجاوز منفذو المشروع فنفّذوا بعض العناصر بشكل وأسلوب معماري لا يتفق والشكل الأصلي، ومنها المحراب وبعض العناصر بالصحن.

وقد جُدّد محراب المسجد ضمن مشروع الترميم الذي نفذه البهرة، فزُخرفت طاقيته بزخارف نباتية مذهبة، مشابهة لتلك الزخارف في محراب الجامع الأزهر، وأحيطت عقد حَنية المحراب من الداخل والخارج بكتابات كوفية مورقة، وكان محراب الجامع قبل الترميم عارياً من الزخرفة، وقالت الموسوعة إن ما حدث من ترميم في المحراب لا يستند إلى أسس علمية صحيحة.