تقرير أمريكي: السوداني يعدّل كفة الميزان نحو واشنطن ويحاول لقاء بايدن لتبديد الشكوك
كشف تقرير لمجلة أمريكية، اليوم الأربعاء، عن "تحرك مفاجئ لكنه ثابت" من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني نحو واشنطن عبر تأكيده إبقاء القوات الامريكية، وفيما بينت أن هذا الموقف يعكس موقف المسؤولين العراقيين ومنهم رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، أكد أن "احتمال عدم اهتمام" واشنطن بالخطوة قد يتغير مع تمهيد السوداني للقاء بايدن في وقت لاحق من هذا العام.
وقالت مجلة "فورين بوليسي" الامريكية في تقرير، ترجمته وكالة شفق نيوز إن "رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قام بتعديل كفة الميزان باتجاه العلاقة مع الولايات المتحدة، بعد تصريحه حول استمرار الحاجة لوجود القوات الاجنبية في البلد"، مضيفة ان "قادة العراق لطالما اكدوا خلف الابواب المغلقة، تمسكهم بالوجود الامريكي في العراق، حتى لو ان البرلمان تحت (الابتزاز)، خاصة من جانب كتائب حزب الله، اتخذ قراراً رمزياً قبل 3 سنوات بانهاء الوجود العسكري".
وفي اشارة الى التصويت الذي جرى في البرلمان العراقي في العام 2020، نقل التقرير عن مسؤولين امريكيين سابقين، قولهم إن "المشهد في بغداد كان وقتها بمثابة حالة من الهرج والمرج، حيث قام عناصر كتائب حزب الله المدعومين من ايران بالضغط من اجل جمع الاصوات تماماً كما يفعل النواب الامريكيون في مبنى الكابيتول هيل، لكن في بغداد كان الوضع يشير الى وجود الكثير من العصي والجزر بشكل اكثر خطورة".
ونقل التقرير عن المسؤول السابق في وزارة الدفاع الامريكية جوناثان لورد، وهو مساعد في الكونغرس ويشغل منصب مدير برنامج امن الشرق الاوسط في "معهد الامن الامريكي الجديد"، قوله ان "عناصر حزب الله كانوا يقومون باجراءات اتصالات هاتفية وارسال رسائل لعدد من اعضاء مجلس النواب مهددين اياهم و/أو مقدمين لهم الرشاوى، من اجل التصويت لصالح قرار اخراج القوات الاجنبية".
وأضاف لورد انه "كانت هناك كمية هائلة من الاكراه لنقل هذا التصويت من اجل الوصول بهذا القرار الى النهاية".
إلا أن التقرير أشار إلى أن الوجود الامريكي الذي كان قد اصبح معلقا بـ"خيط رفيع في العراق"، من خلال الدعوة الهشة من جانب حكومة بغداد، يبدو انه الان سيبقى، الى "أجل غير مسمى".
وأوضح التقرير أن "هذه الخلاصة برزت بعدما قال السوداني، في أول مقابلة له مع وسيلة اعلام امريكية في الاسبوع الماضي، لصحيفة وول ستريت جورنال، انه يريد بقاء الالفي جندي امريكي والذين يقومون بمهمة تدريب القوات العراقية لمحاربة تنظيم (داعش)"، قائلا "نعتقد اننا بحاجة الى القوات الاجنبية... فالقضاء على (داعش) يحتاج الى مزيد من الوقت".
لكن التقرير اعتبر انه "برغم موقف السوداني الداعم علناً للمهمة الامريكية في العراق، وهو أمر كان قد اصبح محدوداً بشكل متزايد منذ اعلان الحاق الهزيمة بتنظيم (داعش)، العام 2017، وان موقف السوداني هذا يبدو وكأنه تحول مفاجئ، الا انه يعكس تحركاً ثابتاً باتجاه واشنطن خلال السنوات الاخيرة"، وهي اشارة ضمنية الى مواقف المسؤولين العراقيين.
وفي هذا الاطار، نقل التقرير عن مسؤولين امريكيين قولهم إن "رؤساء الحكومات العراقية كانوا من خلف الابواب المغلقة، يعربون عن دعمهم القوي للمهمة العسكرية، بما في ذلك عادل عبد المهدي الذي كان في السلطة خلال المواجهات المتبادلة بين القوات الامريكية والقوى المدعومة من ايران، والتي بلغت ذروتها بضربة جوية امريكية بطائرة مسيرة قتلت قائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني والتي تلاها هجوم بالصواريخ على قواعد تضم قوات امريكية في كانون الثاني/ يناير 2020".
ونقل التقرير عن مسؤول كبير سابق في ادارة دونالد ترامب، طلب عدم الكشف عن اسمه، قوله "في كل مرة كان يغلق فيها الباب .. كانت المسألة (كأنهم يقولون): نحن ندعمكم بنسبة 100 %، ونريد وجود قوات امريكية هنا، من اجل ضمان هزيمة مستمرة لـ(داعش)، وايضا لمواجهة النفوذ الايراني".
واضاف المسؤول الامريكي السابق انه بعد ذلك "عندما تفتح الابواب، يحصل تعديل لهذه المسائل.. لانه يتحتم عليهم التعامل مع تاريخهم الخاص".
ولفت التقرير إلى أن "الولايات المتحدة كانت وقتها قلقة بشكل متزايد بشأن التطرف الذي يتسرب من البلد الممزق بالحرب الى الدول الاخرى المعرضة للخطر، حيث انتشر تنظيم (داعش) من سوريا الى العراق في العام 2014".
واشار التقرير الى ان "السوداني عبّر بشكل خاص عن قلقه من احتمال وقوع عمل ارهابي يتم من خلال تسلل مجموعة عائدة الى العراق من داخل سوريا، اذ لا يزال للتنظيم مخابئ في محافظة الانبار، واظهر مؤشرات تعبر عن قوته في الشمال، كما اعلن عن مسؤوليته عن تفجيرات وقعت مؤخرا بالقرب من بغداد".
واشار التقرير الى ان "السوداني بدأ في استخدام قوات مكافحة الارهاب لقمع عمليات تهريب الدولار الى ايران، وهي خطوة اخرى يرجح ان تثير الرضا من جانب صناع السياسة في واشنطن، بالاضافة الى دعوة السوداني للرئيس الامريكي جو بايدن لزيارة بغداد".
وقال المسؤول الكبير السابق في ادارة ترامب مشيراً إلى المسؤولين العراقيين أن "عليهم ان يقيموا توازناً، لكنهم بحاجة ايضاً إلى الدعم المستمر من الولايات المتحدة"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة هي عنصر مساعد في العراق ولا تحاول التلاعب بنظامهم السياسي أو لدينا ولاءات مختلفة لميليشياتهم وجيشهم، نحن موجودون هناك فقط لجعلهم أكثر قدرة حتى لا يعود العدو المشترك المتمثل بـ(داعش)".
وأوضح التقرير أن "الدافع الرئيسي لتغيير العلاقة كان يتمثل باحتمال دخول المزيد من المساعدات الامريكية والدولارات من خلال العلاقات التجارية، لتصبح علاقات اكثر تشابها مع علاقات واشنطن بدول الخليج".
وتابع انه حتى فيما يبقي تصريح السوداني على المهمة العسكرية الامريكية والتي لفت التقرير الى انه جرى "تقويضها" بسبب السياسات الهشة التي ازدادت سوءا باغتيال الجنرال سليماني، اضاف ان "الخبراء قلقون من عدم الاهتمام بالعلاقة بين الولايات المتحدة والعراق من داخل ادارة بايدن، ما يجعل البنتاغون في وضع عدم استعداد للاستفادة من اللحظة".
الا ان التقرير اشار الى ان هذا "الوضع قد يتغير"، موضحاً أن "السوداني يعتزم ارسال وفد إلى واشنطن في شباط/فبراير في محاولة لكي يمهد الطريق للقاء مع بايدن في وقت لاحق من هذا العام".
ونقل التقرير عن لورد، من "معهد الأمن الامريكي الجديد"، قوله إن "تصريح السوداني كان مثيرا للجدل"، مضيفاً "أعتقد أن المشكلة الأكبر بالنسبة الى القيادة المركزية الامريكية (سينتكوم) هي انه لا يوجد على ما يبدو اي تخطيط او رؤية حول الشكل الذي يبدو عليه مستقبل العلاقة الامريكية-العراقية، او كيف يجب ان تبدو".
ترجمة : شفق نيوز