وقعه بوش وعمل به جميع الرؤساء.. أموال العراق تحت وصاية أمريكا منذ 21 عاماً
ما تزال الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجدد
العمل بالأمر التنفيذي الرئاسي الصادر من الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش المتعلق بحماية
"صندوق تنمية العراق" الذي كانت تودع فيه عائدات مبيعات النفط بهدف
حمايتها من أية ملاحقات قانونية، إضافة إلى أوامر أخرى تتعلق بالعراق وتهدف لحماية
أمواله، وذلك بعد مرور أكثر من عقدين على تغيير النظام في البلاد.
ووقع الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، المرسوم الذي مدد
من خلاله حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بالأوضاع في العراق لعام آخر وجاء فيه:
"ما تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام
والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية
في العراق".
وأضاف البيان أن هذه العقبات "تشكل تهديدا غير عادي للأمن
القومي والسياسة الخارجية للعراق والولايات المتحدة الأمريكية أيضا. لذلك، قررت
(جو بايدن) أنه من الضروري استمرار حالة الطوارئ الوطنية المعلنة بموجب الأمر
التنفيذي 13303 فيما يخص استقرار العراق".
الأمر 13303
يهدف الأمر التنفيذي لحماية صندوق تنمية العراق وبعض
الممتلكات الأخرى التي للعراق مصلحة فيها، ووفقا لما جاء في نص الأمر التنفيذي فإن
الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش رأى أن هناك تهديدا بالحجز أو اتخاذ إجراءات
قضائية أخرى ضد صندوق تنمية العراق والنفط والمنتجات النفطية العراقية والعائدات
التي تنشأ عنها".
وجاء في الأمر التنفيذي أيضاً، أن هذا الوضع "يشكل
تهديدا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وبالتالي جرى
إعلان حالة الطوارئ الوطنية للتعامل مع هذا التهديد".
وينص الأمر على أن أي حجز أو حكم أو مرسوم أو أي إجراء قضائي
آخر ضد صندوق تنمية العراق أو النفط والمنتجات النفطية العراقية والعائدات
والالتزامات التي تتعلق ببيعها أو تسويقها، يعتبر لاغيا وباطلا.
ويمنع الأمر التنفيذي جميع المواطنين الأمريكيين
والمقيمين داخل الولايات المتحدة وكذلك أي كيان منظم بموجب قوانين الولايات
المتحدة من رفع دعاوى قضائية ضد الأموال العراقية.
وبحسب قانون الطوارئ الوطني الأمريكي فإن عدم تجديد العمل
بالأمر التنفيذي خلال فترة 90 يوما من تاريخ التجديد السابق فهذا يعني أنه سيصبح
لاغيا.
صندوق تنمية العراق
جرى إنشاء صندوق تنمية العراق بعد عام 2003، وقبل ذلك
كانت توضع أموال مبيعات النفط العراقي في حساب تديره الأمم المتحدة ضمن ما يعرف
ببرنامج النفط مقابل الغذاء.
منتصف تسعينيات القرن الماضي، صدر قرار مجلس الأمن الدولي
المتعلق بالنفط مقابل الغذاء ونص على بيع جزء من النفط العراقي مقابل شراء أدوية
وأغذية خلال حقبة نظام صدام حسين الذي عانى من عقوبات دولية نتيجة غزوه الكويت عام
1990.
استمر هذا الوضع لغاية عام 2003، حين صدر قرار جديد من
مجلس الأمن ألغيت بموجبه معظم العقوبات الاقتصادية على أن يتم حل القضايا المتعلقة
بغزو الكويت، كالتعويضات والأسرى وغيرها.
في هذا الصدد، قال الكاتب والباحث السياسي العراقي عقيل
عباس "إنه "عندما رفعت العقوبات ظهرت مشكلة وهي أن هناك قضايا مرفوعة
على العراق من قبل عشرات أو مئات الشركات التي تضررت من غزو العراق للكويت في دول
أوروبية وغيرها".
وأضاف عباس لموقع "الحرة" أن "السفارات
العراقية في حينها لم تحضر جلسات المحاكم لتدافع أو تقلل من التعويضات، وبالتالي
المحاكم أصدرت أحكاما غيابية بمبالغ باهضة جدا".
وأكد عباس، المقيم في ولاية فيرجينيا، أن "هناك
أوامر حجز قضائية على الأموال العراقية لحين استيفاء مبالغ الدعاوى التي حكمت بها
المحاكم".
"بالتالي الذي أنقذ العراق من هذه
الدعاوى هو قرار الحماية الذي أصدره الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في عام
2003"، وفقا لعباس، الذي أشار إلى أن "بموجب الأمر التنفيذي الرئاسي
باتت الأموال العراقية في صندوق تنمية العراق محمية وكأنها أموال أمريكية".
نفوذ أمريكي
في 2010 ألغي صندوق تنمية العراق بقرار أممي، أنهى كذلك
جميع الضمانات الدولية بالحصانة الممنوحة للعراق من المطالبات بالتعويض.
وبدلا عن الصندوق الملغي جرى فتح حساب تابع للبنك المركزي
العراقي في البنك الفيدرالي الأمريكي توضع فيه جميع عائدات بيع النفط العراقي.
ومع ذلك استمرت الولايات المتحدة بتجديد الأمر التنفيذي
الرئاسي، الصادر في عام 2003، سنويا بهدف حماية الأموال العراقية من أية ملاحقات
قضائية.
وقال العضو السابق في اللجنة المالية بالبرلمان العراقي
أحمد حمه رشيد إن "بقاء الوضع كما هو عليه يعني أن مصير أموال العراق سيبقى
مرتبطا بالولايات المتحدة، ما يمثل ورقة ضغط قوية بيد واشنطن"، مبيناً أنه
"لا يمكن حل هذا الموضوع إلا بسداد جميع الديون، وهذا الأمر يحتاج لسنوات إن
لم يكن لعقود".
بالمقابل، أشار عقيل عباس، إلى أن ربط مسألة حماية
الأموال العراقية من الملاحقات القضائية بالولايات المتحدة "يمنح واشنطن
نفوذا كبيرا على بغداد"، مردفاً بالقول إن "حل الأزمة يحتاج لقرار
سياسي، كما حصل مع اليونان والأرجنتين مثلا، عبر الاستعانة بشركة محاماة رصينة
ومعتبرة يتم إعطاؤها صلاحيات كاملة".
واعتذر المتحدث باسم رئيس الحكومة العراقية عن التعليق،
كما لم يتسن الحصول على تعليق من البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأمريكية لغاية
نشر هذا التقرير، وفقاً لقناة "الحرة".