مع تصاعد حدة القتال.. من ينقذ لبنان من حربه مع إسرائيل؟
مع زيادة حدة التصعيد في لبنان، لا يتوقف الحديث عن القرار الأممي الصادر قبل 18 عاما (1701)، الذي دعت كل من الحكومة اللبنانية وإسرائيل إلى تنفيذه، لكن الاتهامات انطلقت من كل جانب بعدم الالتزام. ووضع القرار حدا لحرب مدمرة بين حزب الله اللبناني وإسرائيل عام 2006، وعزز وجود قوة أممية دولية لمراقبة وقف إطلاق النار، كما انتشر بموجبه الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل.
ومؤخرا، لاقت إسرائيل انتقادات دولية واسعة بعد استهداف طال قوات اليونيفيل الدولية في جنوب لبنان، التي تضم نحو 9500 جندي من حوالي 50 دولة، فيما قالت إسرائيل إنها طالبت القوات الأممية بالتراجع لمسافة 5 كيلومترات شمالا في الأراضي اللبنانية، معتبرة أن حزب الله "يتخذها كدرع بشري".
وترفض قوات اليونيفيل مغادرة مواقعها، مشددة على التزامها بتطبيق القرارات الأممية.
ما الأحكام الرئيسية للقرار 1701؟
وفق موقع الأمم المتحدة، تتضمن العناصر الرئيسية للقرار الذي يتألف من 19 فقرة، دعوة مجلس الأمن إلى وقف كامل للأعمال العدائية، على أساس وقف حزب الله الفوري لجميع الهجمات، ووقف إسرائيل لجميع العمليات العسكرية الهجومية.
وقد دعا القرار إسرائيل ولبنان إلى دعم وقف إطلاق نار دائم وحل طويل الأجل يقوم على المبادئ والعناصر التالية: الاحترام التام للخط الأزرق من جانب كلا الطرفين. اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف – الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان – والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006)، والتي تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان، حتى لا تكون هناك أي أسلحة أو سلطة في لبنان عدا ما يخص الدولة اللبنانية. منع وجود قوات أجنبية في لبنان دون موافقة حكومته. منع مبيعات أو إمدادات الأسلحة والمعدات ذات الصلة إلى لبنان عدا مـا تأذن به حكومته. تزويد الأمم المتحدة بجميع الخرائط المتبقيـة للألغام الأرضية في لبنان، الموجودة بحوزة إسرائيل.
هل يستطيع القرار الأممي وقف الحرب؟
قال المستشار السياسي لرئيس مجلس النواب اللبناني، علي حمدان، لقناة "الحرة"، إن الموقف اللبناني الرسمي واضح، "وهو المطالبة بوقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701". وتابع حمدان: "على إسرائيل الالتزام بالقرار والانسحاب من الأراضي اللبنانية، ويتبع ذلك أن تصبح المنطقة الخاضعة للقرار في الجنوب، خالية من السلاح والمسلحين باستثناء الجيش اللبناني".
أما النائب السابق ورئيس لقاء سيدة الجبل، فارس سعيد، فقد أشار لدى سؤاله عنما إذا كان القرار الأممي لا يزال قادرا على حل الأزمة الحالية، بالقول إنه "على المستوى الدستوري، بالتأكيد نعم.
أما على المستوى السياسي، فأتصور أن إسرائيل ربما باستهداف القوات الدولية العالمية.. ومن خلال سياسة الأرض المحروقة، ربما تريد ما هو أكثر من ذلك، أو تعديل بضمان أمن أكثر لها". وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان-بيار لاكروا، قد أكد، الإثنين، أن جنود حفظ السلام "سيبقون في كل مواقعهم" في لبنان، رغم إصابة 5 منهم، ودعوات الإخلاء التي وجهتها إليهم إسرائيل بسبب القتال الدائر بين قواتها وحزب الله.
وقال لاكروا: "اتُُّخذ القرار بأن اليونيفيل ستبقى راهنا في كل مواقعها، رغم الدعوات الصادرة عن الجيش الإسرائيلي لإخلاء المواقع القريبة من الخط الأزرق" الفاصل بين لبنان وإسرائيل. وأصيب خمسة من عناصر اليونيفيل في سلسلة حوادث الأسبوع الماضي. وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الإثنين، دعوته لليونيفيل، إلى إخلاء بعض المواقع القريبة من الحدود، مشددا على أن اتهام القوات الإسرائيلية بتعمد استهداف اليونيفيل "خاطئ تماما".
سلاح حزب الله
يعاني لبنان من شغور في منصب رئاسة الجمهورية منذ نحو عامين بسبب خلافات بين حزب الله الموالي لإيران وخصومه السياسيين، وفي مقدمهم حزب القوات اللبنانية المعارض، الذي يملك أكبر كتلة مسيحية في البرلمان. وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد شدد في بيان الجمعة، على ضرورة انتخاب رئيس جديد في لبنان، وذلك "بالوسائل الديمقراطية التي تعكس إرادة الشعب اللبناني، من أجل لبنان مستقر ومزدهر ومستقل".
وفي مؤتمر صحفي، السبت، اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، أن انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان "شرط لا بد منه" للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، على أن يتعهد الرئيس الجديد تنفيذ القرارات الدولية التي تنص على نزع سلاح حزب الله.
وفتح حزب الله (المصنف كمنظة إرهابية في الولايات المتحدة)، ما أسماها "جبهة إسناد" لحركة حماس في غزة ضد إسرائيل، في 8 أكتوبر 2023. وتصاعدت حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل إلى أن تحولت لحرب أكبر في 23 سبتمبر الفائت.
وقال جعجع إن "الحاجة الملحة تستدعي أولا وبصورة رئيسية وقبل أي شيء آخر التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مما يضع حدا ولو أوليا للكارثة التي يعيشها شعبنا". وأكد على الحاجة إلى "رئيس ذي مصداقية يتعهد مسبقا وبشكل واضح وجريء بتطبيق القرارات الدولية خصوصا القرارات 1559 و1680 و1701، وفقا لجميع مندرجاتها".
وينص قرارا مجلس الأمن 1559 و1680، اللذان صدرا في سبتمبر 2004 ومايو 2006، على نزع سلاح جميع الميليشيات وبسط سلطة الحكومة وحدها على كامل الأراضي اللبنانية.
يذكر أن حزب الله هو التنظيم اللبناني الوحيد الذي احتفظ بسلاحه بعد الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990 بذريعة أنه يقاوم إسرائيل. من جانبه، واصل حمدان حديثه، بالإشارة إلى أن إسرائيل "تجاوزت 33 ألف خرق للقرار الأممي 1701، وفق تسجيلات الأمم المتحدة وقوات الطوارئ الدولية".
وحول مسألة نزع سلاح حزب الله، قال: "طبعا، وفق القرار الأممي.
وهذا ما طالبت به الحكومة اللبنانية مؤخرا عبر بعثتها في نيويورك بوقف إطلاق نار فوري وتطبيق القرار 1701 كاملا بكافة مندرجاته". لكنه أكد أن "مصلحة لبنان بتطبيق القرار، ولكن ليس فقط من الجانب اللبناني، هناك استحقاقات من الجانب الإسرائيلي لا يجب إغفالها".
فيما أكد سعيد أن "عدم تنفيذ القرار الأممي قبل 6 أشهر، أفسح المجال لنتانياهو لأن يطالب بالمزيد، ولو لم نطبق القرار سنقدم خدمة كبيرة لنتانياهو". وتابع أنه بالأساس "يجب تطبيق الدستور اللبناني الذي يؤكد، واتفاق الطائف، حصرية امتلاك السلاح للجيش اللبناني".
كما رأى مستشار رئيس مجلس النواب اللبناني، أن "وتيرة الحرب حاليا تتزايد مقارنة بوتيرة الاتصالات الدبلوماسية لوقف الحرب"، مشددا على أنه "خلال الأسبوع المقبل سيشهد البرلمان حركة مشاورات بين الكتل النيابية حول الاستحقاق الرئاسي".