ما هو الخلاف بين ابن سلمان وابن زايد في اليمن؟
التقارير الغربية المتلاحقة بشأن انسحاب الامارات من الحرب على اليمن، قد تكون متسرّعة حتى في الحديث عن إعادة تموضع. لكن الخلاف بين الامارات والسعودية في اليمن، ربما يعود إلى أن ابن زايد يرى أن التحالف السعودي خسر الحرب على اليمن وحان وقت توزيع الغنائم.
من المؤكد أن الامارات بدأت بسحب قواتها من مدينة عدن ومأرب والساحل الغربي، بعد استدعاء القائم بأعمال الامارات في طهران احتجاجاً على انطلاق الطائرة الاميركية من أراضيها. وهو الأمر الذي دعا صحيفة وول ستريت جورنال إلى الاستنتاج بأن الإمارات تحاول تحييد نفسها في اليمن، خشية الرد الإيراني ضد الامارات في حال نشوب عدوان أميركي ضد إيران.
التحوّط الاماراتي في هذا الشأن ذو وجاهة منطقية، لكنه لا يغني الامارات عن الرد الايراني في حال انطلاق العدوان من أراضيها. ولعل الخلاف السعودي ــ الإماراتي بشأن اليمن بدأ السنة الماضية إثر فشل غزو الحديدة وعجز التحالف السعودي ولا سيما القوات المدعومة من الامارات عن اختراق منطقة الحديدة التي كانت السعودية تراهن على احتلالها وفتح الطريق إلى صنعاء ووقف هجمات الجيش واللجان الشعبية على جيزان وعسير وأبها. وفي هذا الاطار لم يخفت الاعلام السعودي غير الرسمي حتى الآن، من اتهام الامارات "بإنقاذ الحوثيين".
والحال أن عجز الامارات والسعودية عن احتلال الحديدة نتيجة استبسال الجيش واللجان، كشف أن عدوان التحالف السعودي على اليمن يدخل في مرحلة تحوّل استراتيجي يشير إلى انحدار التحالف وصعود الجيش واللجان. ومنذ تلك اللحظة تبدو السعودية مكشوفة أمام إمساك الجيش واللجان بزمام المبادرة، للرد على العدوان في الرياض وعمق الجنوب السعودي وبشكل شبه يومي.
في عدوانهما المشترك على اليمن، تختلف الطموحات والمصالح بين السعودية والامارات في اليمن وتتمازيان في المراهنة على جماعات كل منهما. فالسعودية يؤرقها شمال اليمن ولا سيما منطقة صعدة، منذ انتزاع جيزان وعسير اليمنية وهي المناطق التي بقيت عالقة حتى الغزو السعودي تحت ذريعة "المبادرة الخليجية" حين أنقذت السعودية علي عبد الله صالح مقابل توقيع الاتفاقيات. وفي هذا السياق تراهن السعودية على القبائل المقرّبة من حزب التجمع للاصلاح، المنافس التاريخي على السلطة في شمال اليمن وحليف المؤتمر سابقاً، وهي لا تزال تراهن على هذه العلاقة التاريخية التي يمثّلها علي محسن الأحمر في قيادة "القوات الشرعية".
خلافاً للسعودية، تراهن الامارات منذ بداية العدوان على توسيع نفوذها ومصالحها الحيوية تحت سيطرة جبل علي، من ميناء عدن إلى شبوة وسقطرى حتى القرن الافريقي وساحل البحر الأحمر. وفي سبيل ذلك تراهن على الجماعات المعادية للاصلاح والأخوان المسلمين من قدامى حزب المؤتمر الشعبي والجماعات السلفية المقرّبة من القاعدة، ومن انفصاليي الحراك الجنوبي.
قوات "الحزام الأمني" التي أنشأتها الامارات في عدن، تضم جماعات سلفية وجماعات من المجلس الانتقالي في الجنوب وهي تعمل في محافظات عدن ولحج وأبين والضالع ويتجاوز عديدها، 10 آلاف مقاتل. وفي المقابل تعتمد الامارات على "النخبة الحضرمية" في منطقة المكلا للسيطرة على ميانئي المكلا و"الضبّة" النفطي. وتعتمد أيضاً على "النخبة الشبوانية" للسيطرة على الميناء والمنطقة الغنية بالنفط والغاز التي يمكن أن تقلب قواعد الطاقة في الخليج.
تنسحب القوات الاماراتية ومنظومة صواريخ باتريوت من مأرب، حيث تحل محلّها القوات السعودية في معقل القاعدة، وتنسحب الدبابات والطائرات العمودية الهجومية مع مئات الجنود من ساحل البحر الأحمر وقرب الحديدة، لكي تدخل القوات السعودية كما دخلت حين غادرتها الامارات. ومع وصول القوات السعودية إلى مأرب، تصدت لها طائرات الجيش واللجان المسيّرة وقصفن منظومة باتريوت ما أن تمركزت مكان منظومة الامارات. ولا ريب أن محمد بن سلمان يرى انسحاب ابن زايد من مأرب بمثابة كمين. لكن ابن زايد الذي يرى أفول قدرات التحالف في العدوان على اليمن، يستذكر صيحة جنرال في إعلانه خسارة الحرب "عسكري، دبّر رأسك، ولا تحمل من الغنائم غير ما قلّ وزنه وارتفع ثمنه".