والدة المعتقل البحريني الياس الملا تضرب عن الطعام
أعلن المعتقل البحريني الشاب مريض السرطان "الياس الملا" إضرابه عن الطعام بعد أن وصل لمرحلة اليأس من إدارة سجن جو، والتى تتعمد إهمال حقه في العلاج المناسب ومن خلال مقطع مصور لوالدته، نقلت قلقها على مصيره واعتبرت خطوة الإضراب عن الطعام مخاطرة تستوجب نظرة إنسانية.
وحسب مرآة البحرين، تقول والدة إلياس مناشدة بصوتها المخنوق وهي تبلع يأسها بدموعها: "اعتقلوني أنا وأخلوا سبيل ابني المصاب بسرطان القولون من الدرجة الثالثة"، مضيفة ، "لا أعترض على إرادة الله، لكن حالة إلياس تتردّى من سيء إلى أسوأ، وإدارة السجن تماطل علاجه، ابني يعاني من آلام في كامل جسده، هشاشة في العظام، انعدام في المناعة، آلام في منطقة القولون، آلام في الظهر، تدني في الرؤية، غثيان ودوار، آلام تحت القفص الصدري جهة اليمين، آلام أسفل الرقبة عند جهة الصدر، إمساك ودم مع البراز، ضيق في التنفس يزداد في الليل حتى يشعر أن قلبه سيتوقف، كل هذا يصارعه ابني وحده في السجن دون تلقّي علاج ملائم، وأنا حالي كحال ابني في كل ليلة أشعر أن قلبي سيتوقّف من شدّة الخوف عليه، أنا لا أنام الليل ولا أدري أين ألوي بوجهي في النهار"
وكأن إلياس الذي لم يكمل بعد العقد الثاني من عمره، لم يكن ليكفيه الورم السرطاني الخبيث من الدرجة الثالثة الذي أصيب به وهو في السجن، حتى يتعرّض لكسر بليغ في اليد في 27 مارس 2019، ويهمل علاجه من قبل إدارة السجن حتى يتفاقم الكسر ويصير غير ممكن عودة يده إلى حالتها الطبيعية، ويعيش إلياس حتى اليوم حكاية مأساوية بسبب هذا الكسر. فماذا حدث؟
في 27 مارس 2019 تعرض إلياس لكسر في اليد، وبعد أن تورمت وانتفخت، أخذ في اليوم التالي إلى عيادة سجن جو ومنها نقل إلى عيادة القلعة ثم إلى مستشفى السلمانية، وهناك أمر له الطبيب بضرورة إجراء عملية عاجلة في اليوم التالي 29 مارس، لكن إدارة السجن لم تأخذ إلياس إلى المستشفى لإجراء العملية متذرعة أن لا موعد لديه، وعندما طالب إلياس بأخذه إلى المستشفى كان جواب إدارة السجن عليه معاقبته بتقييد يده ورجله من الساعة السادسة والنصف صباحاً حتى العاشرة دون اعتبار ليده المكسورة، مما أساء من حالة يده أكثر.
بعد معاناة طويلة وبعد تحركات قام بها إلياس من ناحيته في السجن وتحركات أخرى قامت بها والدة إلياس خارج السجن وذهابها إلى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والتظلمات، نقل إلياس إلى مستشفى السلمانية في يوم الجمعة 5 إبريل لإجراء العملية، وبعد رقاده هناك أخبر بعدم توافر القطع الحديدية لجبر الكسر، فتم نقله إلى مستشفى الملك حمد، وأجريت العملية في يوم 12 إبريل، أي بعد أسبوعين من تعرض يده للكسر.
الطبيب أخبر إلياس أن الكسر بليغ وتأخير العملية أثّر على يده وأنه سوف لن يتمكن من استخدام يده بشكل طبيعي وبالخصوص أصابعه، وبسبب مضاعفات تأخير إجرائها، استغرقت العملية التي أجريت له 4 ساعات في حين تستغرق في العادة ساعتين فقط.
تم تركيب 14 قطعة حديدية في يد إلياس، هذا خلاف القطع الجانبية، وأخبره الطبيب أن يتم نزع بعضها في 30 إبريل، لكن حتى ساعة كتابة هذا التقرير، أي بعد أكثر من شهرين من الموعد المحدد، لم يتم أخذ إلياس إلى الطبيب، ولم يتم نزع أي منها، علماً أن الطبيب في قسم الأورام كان مستاء من وجودها في يد إلياس ولديه تخوّف أن تتسبب له في التهاب باليد.
تخوّف طبيب الأورام كان في محلّه، ومع تأخر نزع هذه القطع عن موعدها المحدد، تورمت يد إلياس وانتفخت بشكل مخيف لدرجة أن النفخ غطّى على القطع الحديدية، وتغيّر لون يده إلى البنفسجي، وما عاد يستطيع تحريك أصابع يده، ولا يتمكن من النوم من شدّة النفخ والألم في يده.
يترافق هذا الألم والتورم في اليد مع كل ما سبق وأن ذكرناه من آلام في كامل جسده وآلام منطقة القولون والرئة والظهر وتدني الرؤية والغثيان والدوار وهشاشة العظام وانعدام المناعة، وانتقال العدوى له عند إصابة أي نزيل بأي نوع من الأمراض المعدية، بالإضافة إلى الدم الذي صار يخرج مع البراز بشكل مخيف خلال الشهر الأخير، وضيق التنفس الشديد خاصة في الليل، كل هذه الأمراض المتراكمة على إلياس لا تستحق عند إدارة سجن جو أن تكلف نفسها التعامل الإنساني معه بأخذه إلى العلاج الذي هو أبسط حق من حقوق السجين.
إلياس طرق كل الوسائل المتاحة له: تلكّم إلى ضباط السجن وكتب رسائل إلى إدارة السجن والأمن الوقائي، لا جواب. والدة إلياس طرقت كل الأبواب التي يمكنها الوصول إليها: المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والتظلمات، لا جواب.
"قال لي الطبيب المصري الذي يعالج ورم إلياس: الحمد لله عدّت السنتان والورم ما رجع. وقبل أن ألتقط نفس فرحتي بهذا الخبر قال الطبيب متداركاً: لكن خلال 5 سنوات قد يعود المرض. ومنذ أن قال لي الطبيب تلك العبارة وأنا أحسب السنوات مثل من ينتظر أجله، هذا العام سيدخل إلياس عامه الخامس مع المرض، الخوف يعصر قلبي القلق يتحاوطني من كل صوب، ومع هذا التردي الذي أراه على صحة ابني أضع يدي على قلبي كلّ ليلة وقد جفاني النوم، لا أترك هاتفي، أحياناً أضعه على الصامت لأهدأ قليلاً، لكن سرعان ما أعود وأعيده إلى وضعه الطبيعي خوفاً من أن يأتيني خبر عن إلياس" تقول ودموعها تحرق حرفها.
" اتصل بي إلياس قبل أيام، وكان في حالة يأس لم أره فيها قبل، فدائماً هو من يبث فيّ الأمل والقوة، هذه المرّة الآلام كانت أكبر منه، أكبر من طاقة جسده المنهك الذي فتك به المرض والكيماوي والسجن والإهمال والطعام السيء والتهوية السيئة والماء السيء، مكان مثل هذا مرض للأصحاء، فكيف بالمرضى"
"لم يعد أمامنا خيار آخر، لقد قرر إلياس الإضراب عن الطعام حتى يحصل على حقه في العلاج، ويؤخذ إلى المستشفى لمعالجة يده وإزالة القطع الحديدية منها، بدأ إلياس الإضراب عن الطعام منذ أمس الأحد 7 يوليو، وأضرب أنا عن الطعام منذ اليوم الإثنين، أعلم خطورة الإضراب عن الطعام على صحة إلياس، لكنني مع قراره الذي اتخذه، وسأكون شريكته في هذا القرار، وما يجري على ابني يجري عليّ".