الصمتْ الرسمي أزاء الاعتداءات “الاسرائيلية” على سيادة دولة هو أيضاً موقف سياسي
كتب / د . جواد الهنداوي…
ظاهرتان يخصُهما العنوان : الأولى ما يشهدهُ العراق من انفجارات او بالأحرى تفجيرات مُتكّررة في مخازن و مستودعات عسكرية .
و الظاهرة الثانية هو التوغل العسكري التركي المفضوح و المعلن في سوريا .
عن الأولى ،لا أُكرّرُ ما كتبتّه مُبكراً و تزامُناً مع تفاقمْ التفجيرات ،بتاريخ ٢٠١٩/٨/١٤ و ٢٠١٩/٨/١٩ و بعناوين ” لماذا تستهدف إسرائيل العراق ” و ” التداعيات السياسية للاعتداءات الاسرائيلية ” ، سأضيفُ ماهو جديد .
اعترفَ ضمناً رئيس وزراء إسرائيل ، خلال المؤتمر الصحفي الذي أجراه يوم الاثنين الماضي في العاصمة الاوكرانية ،عن مسؤولية إسرائيل في قصف مواقع عسكرية في العراق . ( انظر في ذلك صحيفة رأي اليوم الإلكترونية ،عبد الباري عطوان ،الصادرة بتاريخ ٢٠١٩/٨/٢١ ، حيث نشرت تقريراً مفصلاً عن ما تناوله نتنياهو في المؤتمر الصحفي بخصوص موضوع العراق ) .
لماذا أقول اعترف َ نتنياهو ضمناً ؟
في أجابتهِ على سؤال الصحفيين حول دور إسرائيل في التفجيرات التي وقعتْ في العراق ،قالَ : لن أُقّيد نفسي .
قال أيضاً ” إسرائيل تعمل أينما تطلّب الأمر ذلك “
و أضاف أيضاً بخصوص ذات السؤال ” لم ينتهي الأمر بعد …” .
و أكّد ” إيران لا تمتلك حصانة في ايّ مكان ” ، وعندما سألهُ احد الصحفيين قائلاً ” حتى في العراق ” ، رَدّ علية بالقول ” لن أُ قّيد نفسي ” …
أجابات نتنياهو ، و بصراحة ، لم تكْ نفياً ، وإنما اعتراف ضمني بدور إسرائيل !
نتنياهو لم يصمتْ ، ولم يعترف صراحّة بخصوص الاعتداءات الاسرائيلية على العراق ، أمرٌ فيه كثير من الحرج سياسياً على بقاء العراق مُتمسكاً رسمياً بالصمت ، نُقّدرُ رغبة دول العالم ، و دول الجوار ، و كذلك رغبة العراق في التهدئة وتجنّب صب الزيت على النار ، ولكن ليس على حساب سيادة وأمن الدولة ،ليتبنى العراق تصريحاً رسمياً تعاملاً مع ماوردَ في تصريحات نتنياهو عن العراق . تصريحات نتنياهو هي مُناسبة للعراق بالخروج عن صمته و تبني موقف مناسب و تصريح فيه ، على الأقل ، تحذير بالرّد على ايّة اعتداءات تستهدف العراق .
وفي قول نتنياهو بأنَّ ” إيران لا تمتلك حصانة في ايّ مكان ” افصاحٌ عن جُبنٌ وعجزٌ و نفاق ، إيران و كلُ دولة لا تملك حصانة وسيادة الاّ في اراضيها و على حدودها و إقليمها ، نتنياهو غير قادر على الاعتداء على حصانة و سيادة إيران ،خوفاً من قوة الردع .
تتزامن هذه الاعتداءات الاسرائيلية على سيادة العراق مع اعتداءات تركية واضحة على سيادة سوريا ،توغّل عسكري بآليات و دبابات وحاملات جنود في منطقة أدلب . ونشهدُ أيضاً صمت دولي و عربي و أُممي مُريب ، يُعّدُ و يُحسَبُ تواطئاً مع المُعتدي و تشجيعاً له بالتمادي . حالة دولية استثنائية تُعلّمُنا درساً ،مفادهُ بأنَّ القوة هي لغة اليوم .أمتلاك الدولة لسلاح ولعقيدة عسكرية وقتالية هي الأدوات الفاعلة للحفاظ على سيادة الدولة و كرامتها .
على العراق و على الدول العربية وعلى الجامعة العربية وعلى الأمم المتحدة ادانة التوغل التركي غير المشروع في أراضي دولة أخرى ، و أنْ يُدان هذا الاعتداء مرّتان : مرّة كونه انتهاك لميثاق الأمم المتحدة و اعتداء على الشرعية الدولية و القانون الدولي ، و مرّة أخرى ،كونه توغل بهدف دعم جماعات النصُّرة التي حُصرتْ في خان شيخون ، من قبل القوات السورية ، وهي ( واقصد النُصّرة ) جماعات ارهابية .
التوغل التركي هو احتلال و دعم لجماعات ارهابية .
صمتْ الدول، وخاصة امريكا ، التي تتباكي على الشرعية الدولية ، وعلى حقوق الإنسان ، وعلى الديمقراطية ، وعلى أمن و استقرار المنطقة ازاء الاعتداءات الاسرائيلية ، و ازاء الدعم التركي للإرهاب هو أيضاً مُدان .